Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 49-49)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّا كلَّ شَيءٍ } منصوب على الاشتغال فهو بفعل الخبر ، أى إنا خلقنا كل شىء { خَلقْناهُ } فهذه الجملة المحذوفة خبر ان { بقَدرٍ } متعلق بخلق المذكور لا المحذوف ، فخلقناه المذكور مؤكد للمحذوف ، ولم ينسحب التوكيد على بقدر ، لو قدر مثله للمحذوف لانسحب عليه التوكيد ، إنا خلقنا كل شىء بقدر ، خلقناه بقدر ، لكن لا حاجة الى تقديره ، ولا دليل ونصب كل دليل على تقدير الناصب فقط ، ولو علقنا بقدر المذكور لا بخلق المحذوف لم يحصل التأكيد أيضا إلا على تقدير مثله لخلق المذكور ، ولرفع كل كما هو قراءة شاذة لكان خبره وقوله : { خلقناه بقدر } وهو المعنى المراد ، فيحتمل أن يكون قوله : { خلقناه } نعتا لشىء ، ويقدر خبر كل فيكون المعنى كل شىء متصف بأنه مخلوق لنا بقدر ، فربما توهم أن ثم شيئا غير مخلوق لله تعالى ، فلا يبطل الا بخارج وهو سائر الآيات ، والدلائل التى نصبت أنه خالق سواه ، فالنصب أولى لأنه لا احتمال معه . ومعنى بقدر بتقدير ، أى باحكام واستيفاء لا مهملا ، فذلك كقوله تعالى : { وخلق كل شيء فقدره تقديراً } [ الفرقان : 2 ] أو المعنى بمقدار مخصوص أو المعنى أنه مكتوب فى اللوح قبل خلقه ، الآية رد على من نفى القدر عن الله عز وجل ، خاصم قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القدر ، فنزل : { يوم يسحبون } [ القمر : 48 ] الى { بقدر } رواه أبو هريرة ، وهو يقتضى أن يوم منصوب باذكر ، وقال صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية " نزل فيهما { إنَّ المجرمين } [ القمر : 47 ] الى { بقدر } رواه ابن عباس ، وكان ابن عباس يبغض القدرية جدا ويقول : لو أدركت بعضهم لفعلت به كذا وكذا ، ثم قال : الزنى بقدر ، والسرقة بقدر ، وشرب الخمر بقدر ، قال مجاهد : قلت لابن عباس : ما تقول فيمن يكذب بالقدر ؟ قال : أجمع بينى وبينه ، قلت : ما تصنع به ؟ قال : أخنقه حتى يموت . وعنه صلى الله عليه وسلم : " لكل أمة مجوس ومجوسا أمتي الذين يقولون لا قدر ، إنْ مرضوا فلا تعودوهم ، وإنْ ماتوا فلا تشهدوهم " أو كل شىء له مقداره الذى قضاه الله له ، وعن ابن عباس : كل شىء بقدر حتى وضعك يدك على خدك ، قال عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أمر منادياً فينادي نداء يسمعه الأولون والآخرون أين خصماء الله ؟ فتقوم القدرية فيأمر بهم إلى النار " يقول الله : { ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر } سماهم خصماء الرحمن لأنهم ينفون قدرة الله على أفعالهم فقالوا : انهم خلقوا أفعالهم ولم يخلقها الله ، وقالوا : لا يقدر أن يخلق المعصية ويعذب عليها فاعلها ، ولا يعلمها حتى تقع . وأما من قال لا يعلم شيئا حتى يقع معصية أو غيرها فقد انقطعوا ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام ، وعرشه على الماء ، وذلك كتابة في اللوح المحفوظ ، وإلاَّ فلا أول لعلمه لأنه صفة أزلية " ومن القدرية المعتزلية .