Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 7-7)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ خُشَّعاً } أذلاء من شدة الهول ، وهو حال من واو يخرجون مثلها فى قوله تعالى : { يخرجون من الأجداث سراعاً } [ المعارج : 43 ] الى قوله : { خاشعة أبصارهم } [ المعارج : 44 ] { أبْصارهُم } فاعل خُشَّعاً على أن لا ضمير فى خشعا كذا قيل ، ولا يتصور عندى جمع صفة بلا ضمير فيها فى تكسير ، أو جمع سلامة لمذكر ، أو مؤنث ، اللهم الا على لغة يتعاقبون فيكم ، وأكلوه البراغيث ، على أن الصورة صورة وصف فيه ضمير ، مع أنه لا ضمير فيه والأولى ما ذكرت من أن فيه ضميرا فأبصار يدل بعض منه ، وقيل : حال من هاء يدعوهم المقدرة ، وفيه مخالفة لقوله تعالى : { يخرجون من الأجداث سراعاً } [ المعارج : 43 ] وأن خشوعهم ليس فى وقت الدعاء ، بل عقبه ، فيحتاج الى أن الحال مقدرة ، والأصل الحال المقارنة ، وكذا فى جعله مفعولا به ليدعو ، انما خشوعهم عقب الدعاء ، وهو أقرب مما قبله ، لأنه ما فيه الا استعمال الوصف للاستقبال ، أى فريقا سيخشع أبصارهم . وقيل : حال من هاء عنهم ، ولا يحسن إذ المعنى حينئذ ، تول عن الشفاعة لهم وقت خشوعهم فى خروجهم ، واختار بعض انه اذا رفع الوصف ظاهرا مجموعا ، وأمكن تكسيره ، فتكسيره أولى من إفراده نحو : مررت برجل قيام غلمانه ، وقال الجمهور : الافراد أولى ، وقيل : ان تبع جمعا فالجمع أولى نحو : مررت برجال قام غلمانهم ، أو مفردا فالافراد أولى ، وقد قرأ الكسائى وأبو عمرو وحمزة : خاشعا أبصارهم ، وأبى وابن مسعود " خاشعة أبصارهم ، وأما جمع السلامة فلا إلا على لغة يتعاقبون ، لشبهه بالفعل والحال والوصف فى حكم واحد . { يخْرجُون من الأجْداث } القبور { كأَنَّهم جَرادٌ منتشرٌ } حال ثانية ، ووجه الشبه الكثرة والانتشار ، وعدم اللباس ، واستصحاب شىء ، والعجز والمهانة ، وكذا هم كالفراش المبثوث ، وقيل : أولا كالفراش فى الضعف وعدم الاهتداء الى موضع ، وثانياً كالجراد ، والجراد نثره حوت من البحر كما جاء فى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال : " " اللهم أهلك صغاره واقتل كباره وأفسد بيضه ، واقطع دابره ، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء " فقيل : يا رسول الله تدعو على جند من جنود الله تعالى بقطع دابره ؟ فقال : " إن الجراد نثره حوت من البحر " " أى أنه يوجد من الحوت بعد قطعه ، فالسنة قتله ، لأنه مفسد . روى أنه انقطع على عهد عمر رضى الله عنه فاغتم لذلك ، فبعث راكبا نحو اليمن ، وراكبا نحو الشام ، وراكبا نحو العراق ، فأتاه المبعوث نحو اليمن بقبضة من جراد ، فألقاها بين يديه ، فقال : الله أكبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خلق الله تعالى ألف أمة ، ستمائة في البحر وأربعمائة في البر ، فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد ، فإذا هلك الجراد تتابعت سائر الأمم في الهلاك ، مثل نظام انقطع سلكه ، والله أعلم " .