Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 7-9)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا } رفعا حسيا ، كانت على الأَرض ورفعها إِلى حيث هى ، وفتقها سبعا أو رفعا حسيا كذلك ، لكن بمعنى خلقها فى موضعها المرتفع ويناسبه قوله تعالى : { وَالأَرْضَ وَضَعَهَا … } [ الرحمن : 10 ] لأَن وضعها خلقها فى موضعها لا وضع من عال ، ويجوز أن يراد الرتبى والحسى جمعا بين الحقيقة والمجاز أو عموم المجاز ونصب السماء على الاشتغال والجملة المقدرة خبر سادس . { وَوَضعَ الميزَانَ } شرع العدل من معنى قولهم : وضعت الشئ أى أثبته ، والزيادة والنقص والمساواة فى الحس تتبين بالميزان الحسى فشبه به العدل ، فهو ميزان معنوى ، فالميزان بمعنى العدل استعارة أصلية تصريحية ، وذلك بأَن يعطى كل ذى حق حقه ، قال - صلى الله عليه وسلم - " بالعدل قامت السماوات والأَرض " ، أى بقيتا على حالهما . وقيل : المراد بقاء ما فيهما من الأَحياء ، إِذ لولا العدل لهلك ما فيها ، وأما أهل السموات فذكرهم مبالغة ، إِذ لا يقع لديهم ما يحتاج للحكم بالعدل بينهم ، أو أراد بالعدل فى الحديث وضع الأَشياء فى مواضعها بالحكمة ، وعن ابن عباس : المراد فى الآية ما تعرف به المقادير وزنا أو كيلا أو ذرعا أو نحو ذلك ، كلفهم به ليتوصلوا به إِلى حقوق لله تعالى وحقوق العباد ، ولفظ الميزان حقيقة فى كل ما يعرف به المقدار من تلك الأَشياء ونحوها ، وقيل المراد الميزان المعروف ، وأنه حقيقة فيه فقط . ويرجح هذا والذى قبله قوله تعالى : { أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ } ويجوز أن يراد بالميزان العدل والميزان الحسى جميعا بين الحقيقة والمجاز ، وأن يراد عموم المجاز واللام مقدرة ، أى لئلا تطغوا ، أى كراهة أن تطغوا ، فلا نافية وأن مصدرية والعامل وضع والميزان فى موضع الضمير ، والمعنى : لأَجل أن تحافظوا على شأنه لا تنقصوا منه ولا تزيدوا عليه ، ومن شاء الزيادة من ماله فبعد تحقيق كمال الوزن ، ومن شاء النفقص من حقه ، فبعد تحصيل حقه ، وجاز قبل ، لكن لا يصوغ الميزان ناقصا ، والوزن بمعنى الموزون ، ويجوز أن تكون ( أن ) مفسرة و ( لا ) ناهية لتقدم ما فيه معنى القول دون حروفه ، وهو وضع بمعنى شرع ، والشرع وحى والوحى قول وهو أولى لسلامته من تفسيره بموضع الظاهر موضع المضمر إِذ لا معنى لوضع الميزان ، لئلا تطغوا فى الميزان إِلا بالتأَويل الذى ذكرت ، ولسلامته من تفسير الميزان بالموزون . وأيضا يناسب كون ( لا ) ناهية قوله تعالى : { وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ } ففيه عطف الأَمر والنهى عطف إِنشاء على إِنشاء ، وإِذا جعلنا ( أن ) مصدرية و ( لا ) نافية ، كان العطف عطف إِنشاء على إِخبار ، ويدل على أن ( لا ) ناهية ، قراءة لا تطغوا بإِسقاط ( أن ) مع حذف نون تطغون ، وذكر بعض أن التأَويل بالمصدر فى جعلها مصدرية وجعل ( لا ) نافية مسوغ لعطف الإِنشاء على الخبر ، موجب لتأَويل الإِنشاء بالمصدر لعطفه على المؤول بالمصدر ، فيكون مجردا عن الإِنشاء ، وهو مبنى على جواز الإِنشاء بالمصدر وجواز دخول حرف المصدر على الإِنشاء ، وقد علمت بطلانه ومعنى إِقامة الوزن بالقسط ، تقويم الوزن بالعدل ، وهو انتفاء البخس فى الكيل والوزن كما قال مجاهد : أقيموا لسان الميزان إِذا أردتم الأَخذ أو الإِعطاء أو أقيموا بالشرع أقوالكم وأفعالكم أو ذلك كله ، وقيل الإِقامة باليد والقسط بالقلب ، والوزن هنا بالمعنى المصدرى ، ومعنى خسر الميزان نقص آلة الوزن بصوغها ناقصة أو بعدم إِكمال الوزن ، ويجوز أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى موزون ، ولا يخفى ما فى تكرير مادة الوزن فى المواضع من التأَكيد والحث على ترك البخس والميزان مفعول به ، والمعنى : لا تجعلوا أنفسكم خاسرة الميزان بنصب الميزان فى عبارتى هذه بخاسرة ، لأَن خسر الثلاثى متعدٍ بنفسه لواحد كقوله تعالى : { خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } [ الأعراف : 9 ] وخسروا الدنيا والآخرة ، وكقراءة فتح التاء وكسر السين وقراءة فتحها وضم السين وقراءة فتحها ، إِلا أن تعديه فى الآية إِلى الميزان لا يخلو من ملاحظة معنى حرف السبب ، أى بسبب الميزان ، بأَن لا تراعوا ما ينبغى فيه ، ويجوز أن يكون المعنى لا تكونوا ممن خفت موازينه يوم القيامة ، وقيل المعنى لا تخسروا موزون الميزان بتقدير مضاف .