Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 13-15)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ } خبر لأُولئك أو لمحذوف ، أى هم ثلة أو مبتدأ لمحذوف أى ومنهم ثلة ، قيل أو مبتدأ خبره على سرر ، وهى الجماعة الكثيرة ويدل على اعتبار الكثرة مقابلته بقوله جل وعلا { وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ } وقيل ثلة موضوع لمطلق الجماعة ، وأُريد به هنا الكثيرة بدليل المقابلة ، فإِن المراد الجماعة الكثيرة من لدن آدم إِلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - والقليل من الآخرين مؤمنو هذه الأُمة السابقون ، والكلام فى السابقين فلا تنافى الآية قوله - صلى الله عليه وسلم - " إِن أُمتي يكثرون سائر الأُمم " ، أى يغلبونهم فى الكثرة لأَن المراد سابق مؤمنيها قليل بالنسبة إِلى سبأَ ومؤمنى الأُمم من عامة مؤمنيها الأَتباع ، ومؤمنوها الأَتباع أكثر من عامة الأُمم الأَتباع ، وقد يقال كثرة سباق الأُمم باعتبار أنبيائهم على أنهم داخلون فى أُممهم فلا خير ، ولما نزل ثلة من الأَولين وثلة من الآخرين ونسخت قوله { وقليلٌ من الآخرين } ، قلت : لا يصح هذا لأَن قوله تعالى { وقليلٌ من الآخرين } إِخبار ، والإِخبار لا تنسخ لأَن نسختها تكذيب لها والله صادق ، ثم تذكرت أيضا أن قوله : وقليل من الآخرين فى أصحاب اليمين وثلة من الأَولين فى السابقين ، وقيل المراد الصحابة الأَولون والصحابة الآخرون ، وقيل من لقوا الأَنبياء ومن لقى النبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله - ولا شك أن من لقيهم أكثر ممن لقيه - صلى الله عليه وسلم - لكثرة الأَنبياء قبل ، وقيل عنه - صلى الله عليه وسلم - " الثلثان من أُمتي " بمثلثتين وضم اللام مخففة أو بمثلثة وشد اللام بعدها مثناة ، وروى أن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ، أنتم منها ثمانون صفا كما فى الترمذى ، وهذا حدث بعد قوله - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود ومن معه ، وهم أربعون فى قبة أو نحو أربعين ، " " أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة " ؟ قالوا : نعم . " أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة " ؟ قالوا : نعم . قال : " والذي نفس محمد بيده إِني لأَرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " " وعن عائشة : ثلة من الأَولين وقليل من الآخرين من أُمة كل نبى فى صدر الدنيا قليلين . ويبحث بأَن أنبياء بنى إِسرائيل أكثر وليسوا فى صدر الدنيا ، إِلا إِن أُريد بصدرها أنبياء بنى إِسرائيل ، لأَنهم صدروا ومضوا وكانوا أولا بالنسبة لما بعد وأُريد بآخرها النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن بينه وبين عيسى عليه السلام من الأَنبياء المختلف فيهم ، وعن أبى بكرة وابن عباس عنه - صلى الله عليه وسلم - " ثلة من الأَولين وثلة من الآخرين هما جميعاً في هذه الأُمة " فيكون الخطاب فى قوله تعالى : { وكنتم أزواجا } ، لهذه الأُمة فقط فسابق أول هذه الأُمة ثلة وسابق سائرها إِلى آخرها قليل ، وجاء فى فرقتى أصحاب اليمين نحو ذلك { عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } حال من المقربين أو من الضمير فى جنات النعيم إِذا علقنا فى بمحذوف حال أو خبر آخر لهو المحذوف المخبر عنه بثلة ، والوضن النسج ، نسج الدرع ونسج حزام الناقة وغير ذلك ، وقيل أصله فى نسج الدرع واستعير لكل نسج ، وقيل استعير لكل نسج محكم ، والمراد فى الآية منسوجة بالذهب أو بقضبان الفضة ، روايتان عن ابن عباس وعن عكرمة مشبكة بالدر والياقوت .