Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 67-70)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ نحْنُ مَحْرُومُونَ } ممنوعون من ذلك الزرع لا بخت لنا فيه ، أو لا بخت لنا مطلقا لا من ذلك ولا من غيره ، والإِضراب انتقالى مطلقا { أَفَرَأَيْتُمُ } مثل ما مر { الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ } عذبا فراتا ومنافع الماء كثيرة جدا لا يستغنى عنها حتى النار تحتاج إِليه ، لأَن الحطب به والنار بالحطب ، ولولا الماء لم توجد النار فى شجر القدح وخص الشرب لشدة الاحتياج إِليه وتكرره وهو أهم المقاصد العاجلة { أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ } السحاب والواحدة مزنة وقيل السحاب الأَبيض وماؤه عذب والصحيح العموم فى الآية { أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ } له منها ، لشربكم وسائر مصالحكم { لَوْ نَشَاءُ } جعله أُجاجا أو عدم الانتفاع به الانتفاع الكامل بل لنحو غسل { جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا } ملحا لا يشرب البته أو الأَكدا من الأَجيج وهو تلهب النار أو من الأَجاج وهو كل ما يلذع الفم ولا يمكن شربه لملوحة أو مرورة أو حرارة ، وهذا معنى أعم وهو أولى إِلا أن الأَنسب فى مقابلة الماء المشروب العذب تفسيره بالملح وتليه المرورة ، وحذفت اللام فى جواب لو هنا لدليل ذكرها قبل والحذف لدليل مطرد إِلا لمانع ولو لم يكن دليل لم تقدر لأَنها غير لازمة ، ولو حذفت من الأَول وقرن بها الثانى لجاز : فلم لم يكن أو لمَ لم تذكر فيهما معا أو تحذف فيهما والجواب أنها ذكرت فى الطعام لأَنه مقدم على الشراب عادة لنفسه ولضيفه وأمره أشد ، والطعام مَرْكب للماء والماء راكبه ، وهومعين على هضمه ، وهو أصل للماء ، والماء لإِدخاله فى العروق فالتهديد بقطعه أشد فأَكد التهديد بلام الجواب لأَنها للتأَكيد ، وفيه أنه يفيد لقوينا ملوحته ، فيلزم تقدم ملوحته وليس تقدمها مرادا وقد يقال إِنه من باب وسع الدار وأيضا جعل الماء العذب ملحا أسهل بأَن يلقى فيه ملح ، أو يلقى فيه ماء ملح قدر ما يغيره ويجريه على الأَرض الملحة فيملح والماء الملح أكثر فلذلك لم يحتج الكلام فى جعل العذب ملحا إِلى زيادة توكيد ، وأما جعل الزرع حطاما فخارج عن المعتاد ، فإِذا وقع فعن سخط فأَكد باللام لتقرير إِيجاده . { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } تحضيض على شكر النعم كلها وهذا أعم والعموم أولى فيدخل فيه الماء العذب أولا ، وبالذات وقيل المراد تشكرون نعمة الماء العذب ويناسبه حديث أبى جعفر أنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا شرب الماء قال " الحمد لله الذي سقانا عذباً فراتاً برحمته ولم يجعله ملحاً أُجاجاً بذنوبنا " ، فشكر الله تعالى على الماء العذب وذكر الملح معه على وجه النفى كما فى الآية قلنا حاصله أنه شكره على بعض ما فى الآية لحضوره حادثا .