Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 124-124)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ } أَى كفار قريش { آيَةٌ } تتلى ومعجزة لا تتلى { قَالُوا لَنْ نُؤمِنَ } بها أَنها من الله ولا بمضمونها ولا برسالته صلى الله عليه وسلم ولا بتوحيد الله جل وعلا { حَتَّى نُؤتَى مِثْلَ مَا أُوتِىَ رُسُلُ اللهِ } من الوحى والرسالة لنا إِلى خلقه فنكون كالرسل المتقدمين أَنبياءَ رسلا إِلى الناس كما ادعى محمد لنفسه ، ومر قريباً عن أَبى جهل : والله لا نرضى بمحمد نبياً إِلا أَن يأتينا وحى كما يأتيه ، ونكون متبوعين لا تابعين ، زاحمنا بنو عبد مناف فى الشرف حتى إِذا صرنا إِلخ . وكما قال الوليد بن المغيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لم كانت النبوءة حقاً لكنتُ أَولى بها منك ؛ لأَنى أَكبر منك سناً ، وأَكثر منك مالا وولداً ، وفى ذلك نزلت الآية هذه والأُخرى ، { بل يريد كل امرئ أَن يؤتى صحفاً منشرة } [ المدثر : 52 ] وقيل : لم يطلبوا أَن يكونوا أَنبياءَ ورسلا ، بل طلبوا أَن تنزل عليهم صحف وملائكة وآيات قاهرات كآيات الرسل المتقدمين فى أَن محمداً رسول الله : كتاب إِلى أَبى جهل ، وكتاب إِلى الوليد ، وكتاب إِلى أَبى لهب ، وهكذا أَن محمدا رسول الله ، كما فسر بعض به آية الصحف المنشرة ، { بل يريد كل امرئ منهم أَن يؤتى صحفاً منشرة } وما ذكرته أَولى لأَنه ظاهر الآية ، أَو لقوله تعالى { اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } وهؤلاء ليسوا موضعاً للرسالة ، ومن غاية السفه أَن يقول الرجل إِذا قيل له آمن : لا أُومن حتى يجعلنى الله نبياً رسولا . وتقدم الكلام على عمل اسم التفضيل إِلا أَن حيث لا يكون مضافاً إِليه ولا يكون مفعولا به ، فلا يجوز أَن يقال مفعول به ليعلم محذوف دل عليه أَعلم وأَجازه الفارسى وابن هشام ، ولا إِشكال فى جعلها ظرفاً متعلقاً بأَعلم أَى الله عظيم العلم فى موضع جعل الرسالة ، وليس ذلك حصراً فإِنه أَعظم علماً فى كل شئ ، ولا إِشكال فى الظرفية لأَنها ليست حقيقة لأَن المعنى أَعلم فى شأن جعل الرسالة ، وقد قال الله تعالى : { كل يوم هو فى شأن } [ الرحمن : 29 ] قال بعض : سن الوقف فى قوله تعالى { رسل الله } قال بعض : يوقف ويدعى بقولك : اللهم من الذى دعاك فلم تجبه ، ومن الذى استجارك فلم تجره ، ومن الذى سأَلك فلم تعطه ومن الذى استعان بك فلم تعنه ، ومن الذى توكل عليك فلم تكفه ؟ يا غوثاه يا غوثاه بك أَستغيث فأَغثنى يا مغيث واهدنى هداية من عندك ، واقض حوائجنا واشف مرضانا واقض ديوننا واغفر لنا ولآبائنا ولأُمهاتنا بحق القرآن العظيم والرسول الكريم برحمتك يا أَرحم الراحمين ، ثم يقرأ { الله أَعلم حيث يجعل رسالته } ولم أَر ذلك فى كتب الحديث لكنه حسن { سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ } إِجرامهم هو قولهم لن نؤمن حتى نؤتى ، وغير ذلك من معاصيهم ، فمقتضى الظاهر سيصيبهم لكن أَظهر ليصفهم بالإِجرام ، والصغار الذل والهوان ، والعذاب الشديد عذاب الدنيا كقتل بدر وعذاب الآخرة . ومعنى عند الله يوم حشرهم أَو قضاؤه ، والعندية شاملة لذلك كله مطلقاً لا بقيد تقدير من عند الله كما قيل عن الفراء ، إِذ لا يقال بحذف الجار بلا دليل ، لا يقال جئت عند زيد ، ويراد من عند زيد ، ويجوز أَن يكون المعنى أَن ذلك ذخيره عند الله لهم على التهكم ، وهو متعلق بيصيب أَو بمحذوف نعت صغار ، أَو بصغار لما تكبروا عن الحق ومالوا إِلى التلذذ بالمعاصى والدنيا جوزوا بالذل والعذاب مضادة لذلك أَى بسبب كونهم يمكرون ، أَو بدل كونهم يمكرون والذل بعد الرتبة أَشد .