Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 14-14)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } الاستفهام إِنكار والمراد مطلق الولى ، ولى معبود أَو غير معبود ، نفى أَن يتخذ غير الله ولياً ، وأَثبت أَن وليه الله وحده ، فالمنكر هو اتخاذ غير الله ولياً لا اتخاذ الولى مطلقاً ، ولذلك قدم المفعول الثانى وهو غير ، وأَولاه الهمزة كما أَولى اللفظ غير الهمزة فى قوله عز وجل { قل أَغير الله أَبغى رباً } [ الأنعام : 164 ] إِذ كان المنكر غير الله ، ومعنى اتخاذ غير الله عبادة غيره ، ويجوز أَن تكون العبادة فى لفظ وليا لا فى أَتخذ ، أَى أتخذ معبوداً ، وذلك أَن الإِنكار فى الآية رد على من دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى الإِشراك ، إِذ قالوا له : إِنما تركت دين قومك لفقرك ، فارجع إِليهم نجمع لك ما تكون به أَغناناً ، لا يقال : الرد عليهم بأَن يقال اتخذ غير الله ولياً ، لأَن المشرك لم يخص عبادته بغير الله تعالى لأَنا نقول من أَشرك بالله تعالى غيره لم يتخذ الله معبوداً لأَنه لا تجتمع عبادته سبحانه مع عبادة غيره ، قلت : @ لمن صافـى عدوك أَو يعـادى صديقك فى معاداة عريق ومن صافى صديقك أَو يعادى عدوك أَو عدوه صديـق @@ ولام لمن للابتداء ، وهاء عدوه للصديق ، ولو أَدخل الإِنكار على اتخذ وقال : أَأَتخذ غير الله ولياً لحصل المقصود من إِنكار اتخاذ غير الله ولياً ، لكن لما كان متعلق الإِنكار غير الله كان تقديم غير الله أَهم ، وقيل ولياً بمعنى نصير ، فإِذا انتفى اتخاذ غير الله ناصراً فأولى أَن ينتفى اتخاذه معبوداً ، ويجوز أَن يكون الكلام من الإِخراج على خلاف مقتضى الظاهر لإِمحاض النصح ، كقوله تعالى { ومالى لا أَعبد الذى فطرنى } [ يس : 22 ] { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } نعت للفظ الجلالة لأَنه للماضى ، فليست السماوات مفعولا به لفظاً ولا تقديراً ، فالإضافة محضة تفيد التعريف ، كما أَن المنعوت معرفة ، ولا يضر الفصل بينهما بجملة أَتخذ لأَنها غير أَجنبية إِذ عمل فعلها فى عامل الموصوف ، ولا يترجح البدل بكون فصله أسهل ، لأَنه يقابل بكون البدل من المشتق ضعيفاً ، عن ابن عباس : ما عرفت معنى فاطر حتى اختصم إِلىَّ أعرابيان فى بئر ، فقال أَحدهما : أَنا فطرتها أَى ابتدأتها ، ومعنى فطرة الله ما أَبدع فى الناس من معرفته ، والفطر ، الإِيجاد على غير مثال كما فعل الله ، وعلى مثال كما فى كلام ابن عباس ، ولا يختص بالأَول كما قيل . { وَهُوَ يُطْعِمُ } غيره مأْكولا ومشروباً ، ومن لم يطعمه فإِنه منسى { وَلاَ يُطْعَمُ } لا يرزقه غيره مأْكولا ولا مشروباً لأَنه لا يوصف بالأَكل والشرب ، ولا يحتاج إِلى شئ ، قال الله عز وجل { ما أريد منهم من رزق وما أريد أَن يطعمون ، إِن الله هو الرزاق } [ الذاريات : 57 - 58 ] وعبر بالخاص وهو الإِطعام عن العام وهو مطلق الرزق الشامل لكل منفعة على المجاز المرسل التبعى ، واشتق منه يطعم بمعنى يرزق ، وحكمه ذلك أَن الأَكل والشرب أَعظم الرزق ، وأَعظم ما يحتاج إِليه منه قل أَو كثر { قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أنقاد من هذه الأُمة ، وذلك أَن كل نبى أَول أُمته فى الإِيمان بما أوحى إِليه لأَنه يعلم قبل غيره بما أُحى إِليه وتتبعه أُمته فيه أَو تكفر ، وأَول من آمن به من هذا الإِيجاد ، ولو أَوحى أَيضاً قبله وآمن غيره لنزوله قبل فهو موحى إِليه بأَن يسلم كغيره ويؤمن بنبوءَة نفسه ورسالته ، وكأَنه أَرسل إِلى نفسه ، وينبغى لكل آمر بشئ أَن يسبق إِلى عمله إِن كان مما له عمله ، لأنه أَدعى إِلى الامتثال ، كما قال موسى : { سبحانك تبت إِليك } [ الأعراف : 143 ] أَو ذلك تحريض كما يأْمر الملك الرعية بشئ ويقول أَنا أَول من يفعل ليمتثلوا ، ولا يلزم من الأَمر بشئ أَن يكون المأْمور قد امتنع منه ، وهو صلى الله عليه وسلم لم يمتنع فلا إِشكال ، لكن الحمل على هذا خلاف الأَصل { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ } عطف على قل عطف نهى على أَمر ، ولا ناهية ، كقولك : كلْ ولا تشرب ، كلفه الله عز وجل أَن يقول إِنى أمرت ، وبأَن لا يكون من المشركين ، ولا حاجة إِلى تقدير : وقيل لى لا نكونن من المشركين ، ولا إلى دعوى الالتفات من التكلم إِلى الخطاب ، وأَن الأَصل ولا أَكونن عطفا على أمرت ، وأَن لا نافية ، وأَنه ساغ التوكيد لأَن المراد النهى ، ولا إِلى دعوى تأْويل أَمرت بقيل لى فيكون العطف على أَن أَكون ولا ناهية .