Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 165-165)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ } جمع خليفة ، والخليفة إِذا كان لمؤنث يؤنث وإِذا كان لمذكر يذكر ولا يؤنث فتقول : جاءَ الخليفة وهذا الخليفة ، ولا تقول جاءَت أَو هذه ، وشذ قوله : أََبوك خليفة ولدته أخرى ، وظاهر قول بعض إِن منهم من يقول خليفة أُخرى ، أَن التأنيث لغة ، ومعنى جعلهم خلائف أَنهم يخلفون من قبلهم أَو أَن بعضا يخلف بعضا ، أَو جعلكم خلفاءَ لله فى أَرضه فوحدوه واعبدوه ولا تجوروا فىتصرفاتكم فيها ، أَو الخطاب للمؤمنين جعلهم خلفاءَ الأُمم السابقة { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } بالمال والجاه والشرف والقوة والحسن والغنى والعلم والجود وكرم الأَخلاق { لِيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ } أَيكم يشكر الخير ويصبر على السوءِ { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ } للعصاة ، والسرعة عبارة عن القرب ، لأَنها سبب للقرب وملزوم له فى الجملة ، وكل ما هو آت قريب أَو سريع التمام إِذا جاءَ لا يؤخر عن وقته { وإِنه لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } بالغ فى الغفران والرحمة بصيغتى المبالغة ولام التأكيد وإِسنادهما إِلى نفسه بخلاف العقاب فلا صيغة مبالغة فيه ولا معه لأَن سريع صفة مشبهة لا صيغة مبالغة ، ولا أَسند السرعة إِلى نفسه ولا أَسند العقاب إِلى نفسه ، إِذ لم يقل إِنى سريع فى العقاب ولا إِنى معاقب سريعا ، وذلك تلويح بأَنه غفور رحيم بالذات وكثير الغفران والرحمة ومعاقب بالعرض قليل العقاب ، وذلك ترجيح للمغفرة والرحمة ، ومعنى قولنا بالذات بالأَصالة والرجحان وسبق الرحمة للغضب لا ما قيل إِن معنى بالذات أَن غفرانه ورحمته لا يتوقفان على شئ ، ومعنى بالعرض أَن العقاب يتوقف على الذنب ، لأَنا نقول المغفرة والرحمة تتوقفان على العمل الصالح والتوبة فإِن عدم توقفهما على ذلك مذهب المرجئة ومن اعترف منهم ، قال بعض : @ أَنا مذنب أَنا مخئ أَنا عاصى هو غافر هو راحم هو عافى قابلتهن ثلاثـة بثلاثـة ولتغلبن أَوصافه أَوصافـى @@ وقال الشافعى : @ ولما قسا قلبى وضاقت مذاهبى جعلت الرجا ربى لعفوك سلما تعاظمنى ذنبى فلما قرنتـه بعفوك ربى كان عفوك أَعظما @@ قال أَبو نواس : @ يا رب إِن عظمت ذنوبى كثرة فلقد علمت بأَن عفوك أَعظم إِن كان لا يرجوك إِلا محسـن فمن يلوذ فيستجير المجـرم @@ وفى الأَعراف اللام فى الموضعين لأَن ما فيها بعد { وأَخذنا الذين ظلموا } [ الأعراف : 165 ] وبعد { كونوا قردة } [ الأعراف : 166 ] فناسب اللام فى سريع لذلك ، ولأَنه مقطوع بالعذاب فيها ، وهنا فى وعظ لمن يزدجر وبعد قوله : من جاءَ ، وقوله : وهو الذى ، وكانت اللام فى الثانية فى الأَعراف تبعا للأُولى فيها ولتأكيد الغفران فى الجملة لا فى للمقطوع عليهم بالشر المذكورين قبلها . والله أَعلم ولا حول ولا قوة إِلا بالله العلى العظيم .