Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 56-57)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } لهم يا محمد قطعاً لأَطماعهم فى أَن تتبعهم فى المسح على آلهتهم إِذا قالوا امسح عليها نؤمن بإِلهك { إِنى نُهِيتُ } بالآيات النقلية والعقلية فى شأن التوحيد كقوله تعالى { قل إِنى نهيت } إِلى قوله { لما جاءَنى البينات من ربى } [ غافر : 66 ] { أَنْ أَعْبُدَ } أَى عن أَن أَعبد { الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } أَى تعبدون ، أَو تسمونهم آلهة ، واختار الذين لاعتقادهم فى الأَصنام أَنهم عقلاء ، أَو قريبون من العقلاء { قُلْ } لهم أَيضاً قطعاً لأَطماعهم فى أَن تتابعهم أَو تلاينهم فى المسح على آلهتهم { لاَ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ } فى عبادتكم أَو مماستها ، إِنما أَنتم على محض الهوى والجهالة لا على الهدى فكيف أَتبعكم وأَترك الحجة العقلية والنقلية ، وقيل : لا أَتبع أَهواءَكم فى طرد المؤمنين ، وكرر قل مع قرب ذكره اعتناء بالمأْمور ، وفرقاً بأَن الأَول لما هو من جهة الله تعالى ، وهو النهى ، والثانى من جهته صلى الله عليه وسلم وهو الانتهاء عما يطالبون من المداهنة وجمع الأَهواء مع أَن هواهم كلهم عبادة غير الله لتعددها فى الحقيقة ؛ لأَن كل واحد يجعل لنفسه صنماً يعبده ولا يعبد غيره من الأَصنام ، أَو تتفق جماعة على صنم وأَخرى على آخر ، وهذا أَولى مما قيل أَنه جمع ولو كان واحداً فى نفسه ولكن متعدد بالإِضافة إِليهم ، { قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً } هى إِذاً التى هى حرف جواب وجزاء لم يذكر المضارع بعدها ، أو الظرفية الماضوية المعوض تنوينها عن الجملة بلا إِضافة نحو حين إِليها ، أَو الاستقبالية معوضاً عن شرطها التنوين ، والأَول والثالث أَنسب بفتح الذال ، وهكذا فى غير هذا الموضع ، أَى قد تحقق ضلالى فى مقابلة اتباعى أَهواءَكم لو اتبعتها ، أَو حين اتبعتها لو اتبعتها ، أَو إِذا اتبعتها لو كنت اتبعتها { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } تعريض المشركين بأَنهم على غير هدى تأكيدا للفعلية بعطف الاسمية عليها الدالة على التحقيق والثبوت أَي لست من أعداء المهتدين فى شىء ما فضلا عن أَن اهتديت ، أَو أَنا مهتد قولا دالا على الهدى التام مع أَنى متبع لأَهوائكم لو اتبعتها ، وكيف أَتبعها وأَترك الحجج النقلية والعقلية ، وتوحيده صلى الله عليه وسلم بالحجة والتقليد ، ويكفى غيره التقليد الجازم على الصحيح عندنا معشر الإِباضية الوهبية ، وهو الذى حكاه القشيري عن الأَشعري قائلاً أَن ما حكى عن الأَشعري من أن توحيد المقلد غير صحيح افتراء عليه ، وزاد تأْكيد المتقدم بقوله : { قُلْ إِنِّى على بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّى } بيان واضح مميز بين الحق والباطل فأَنا على يقين ، أَو البينة القرآن أَو الوحى والحجج العقلية فلا أَخالف ذلك ، ويقبح عليكم خلافه ، واستقبح مخالفته بقوله { وَكَذَّبْتُمْ بِهِ } سواءً جعلناه حالا من ضمير على بينة ، أَو من ربى أَو من بينة الموصوفة بقوله من ربى ، بتقدير قد أَو دونه ، ومن للابتداء أَو للبيان ، أَى على بينة من معرفة ربى ، أَم جعلناه عطفاً على مدخول قل لصحة قد كذبتم به وما يحق لكم التكذيب به ، لا على خبر إن لعدم صحة إِن كذبتم به ، ولا تثبت عندى واو الاستئناف ، وهاء به لربى أَو للقرآن المعلوم من المقام ، أَو من بينة لأَنها القرآن أَو البيان أَو البرهان ، أَو التاء للمبالغة والأَصل على أَمر بين ، كما تقول فلان راوية فلان ، ومعنى تكذيبهم لله تكذيبهم وحيه ، ومطلق إِشراك ما تكذيب له سبحانه ، وكان صلى الله عليه وسلم يخوفهم على الإِشراك بالعذاب فكانوا يستعجلون به استهزاءً كقولهم : { اللهم إِن كان هذا هو الحق من عندك … } [ الأنفال : 32 ] إِلخ … فنزل قوله تعالى { مَا عِنْدِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من العذاب ، وقيل من الآيات المقترحة ، وقضاء على قيام الساعة وليس كذلك ، كما أَنه لا يحسن التفسير بأَنه لو كان ذلك فى حكمتى لأَهلكتكم عاجلا غضباً لربى عز وجل { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ } فى تأْخير العذاب الذى تستعجلونه ، فإِنه تأْخير لقضاء الله بتأخيره ، وذلك أَن كلامهم على التأخير ، أَو إِن الحكم إِلا لله فى تأخيره واستعجاله ، والمراد أَولا وبالذات الكلام على تأخيره ، وإن الحكم فى كل شىء إِلا لله عز وجل { يَقُصُّ الْحَقَّ } أَى يذكره ولا يترك منه شيئاً مما كذبتم به ذكراً ، كقص الأَثر وهو تتبعه كقوله تعالى { نحن نقص عليك أَحسن القصص } [ يوسف : 3 ] وقيل يقص بمعنى يقضى كما قرأَ به الكسائى ، وقيل : بمعنى القول كما جاءَ الفصل بمعنى القول كقوله تعالى : { ثم فصلت } [ هود : 1 ] ، ونفصل الآيات تدل على أَنه لا يقدر العبد على شىء إِلا إِذا قضى الله تعالى به كفراً أَو طاعة أَو غيرهما { وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلِينَ } الحاكمين .