Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-95)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى } شاقهما بالإِنبات ، فهو الذى يستحق العبادة لا مالا يفعل ذلك ، وهذا أَيضاً دليل للبعث ، والحب مالا نواة له كالبر والشعير والبصل والثوم . والنوى كنوى التمر ونوى الزيتون ونوى الخوخ ، يشق ذلك عن النبات ، وليس المراد أَنه جاعل الشق فى حب البر وفى نوى التمر ، كما قيل إِن الأَول أَفيد وأَدل على البعث ، إِلا أَن يراد جاعل الشق فيهما للنبات فيرجع إِلى ما ذكر ، إِلا أَن نواة الثمر ينبت الورقة من نقيرها لا من شقها ، فنقول شقها نقيرها وشق نواة الخوخ والمشمش من الجهة التى هى كالمتلاصقين ومنها النبات ، وإِذا أَطلق النوى فنوى التمر فالأَولى ما ينبته ، وإِذا أُريد غيره قيد فقيل مثلا نوى الخوخ ، وقدم الحب لأَنه كثير المنافع وأَصل الأَغذية ، والحب ما يقصد بالذات كالبر والشعير والحمص ، والنوى ما ليس كذلك ، فظاهره أَن بذر البصل والثوم والقثاء والجزر واللفت ونحوه يسمى نوى ولا يعهد ذلك ويقال فالق بمعنى خالق ، وهو مروى عن ابن عباس والضحاك . وفالق للماضى أَى هو الذى فلق ما رأَيتم من الحب والنوى عن النبات ، أَو للاستمرار { يُخْرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ } الحى ما ينمو من الحيوان والنبات ، ومنه المرجان والأَحجار التى تنمو ، والميت مالا ينمو كالنطفة والبيضة والحبة والنواة ، ويخرج منه ما ينمو كورق الحبة والنواة ، وما يتولد من النطفة والبيضة والماء . وفى جمع بين الحقيقة والمجاز ، ويتلخص عن ذلك بدعوى عموم المجاز ، بأَن يراد مطلق ما ينمو ومالا ينمو ، أَو الحى الحيوان والميت ما يتولد الحيوان منه كالنطفة والبيضة والماء ، أَو الحى الحيوان والميت ما مات بعد حياة ، وبحث فى هذا بأَن الجملة بيان لفلق الحب والنوى ولذلك لم تعطف ، وهى فى الوجه الأَخير لا تصلح بياناً له ، وقوله { وَمُخْرِجُ الميِّتِ مِنَ الحَىِّ } فإِنه لا يصلح بياناً له فعطف على فالق لا على يخرج الذى هو بيان كما هو قول مشهور ، وذلك بأَن نؤول مخرج بيخرج على أَن يخرج مستأَنف ، أَو نؤول يخرج بمخرج على أَن يخرج الحى خبر ثان لإِن ، والميت النطفة والبيضة والحى ما يتولد منهما ، ولا يقال يتعين العطف على يخرج بدليل قوله تعالى فى الآية الأُخرى { يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى } [ الروم : 19 ] لأَنا نقول : الآية الأُخرى لا مانع فيها من العطف ، إِذ ليست بياناً لما قبله ، وعلى كل حال كان يخرج الحى بصيغة الفعل المضارع ليكون أَدل على التكرار المشاهد المستحضر ، وقدم إِخراج الحى لأَنه أَعظم فى القدرة ولأَنه أَنسب بالستدلال على البعث ، ولأَن فائدته أَزيد ، ولأَنه أَسبق ، ولأَن الاعتناءَ به أَكثر ، وذلك أَنسب بالمقام من قولك : المراد المسلم من الكافر كإبراهيم من آزر والكافر من المؤمن كولد نوح الآوى إِلى الجبل { ذَلِكُمْ } اسم إِشارة يعود إِلى الله ، كما جاءَ فيه لفظ ذلك فى قوله تعالى { أَليس ذلك بقادر } [ القيامة : 40 ] ويجوز فى الكلام ذلك بكسر الكاف أَيضاً وذلكما وذلكن ، كما فى غير الله ، ولا يجوز فى الله عز وجل أَن يقال : هذا أَو ذاك أَو هذاك لعدم الورود ، ولو كان اسم الإِشارة فى ذلك كله واحد وهو لفظ ذا ، لكن على معنى من فعل كذا وكذا فهو الله ، والمعنى ذلكم الفالق المخرج { اللهُ } فهو لفعله ذلك مستحق للعبادة { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } كيف تصرفون ، أَو مِن أَى وجه تصرفون عن الإِيمان به وعبادته إِلى الإِيمان بغيره وعبادة غيره مع قيام البرهان على أُلوهيته وتوحيده . واستدل به بعض المعتزلة بأَن الله عزو جل وسبحانه وتعالى لم يخلق فعل العبد وإِلا لم يقل له أَنى يؤفكون ، وذلك خطأ منهم ، قبحهم الله ، فإِن المعنى إِنكار لياقة صرفهم عن الإِيمان مع تيسير أَدلته وفهمها .