Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 4-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذَلِكَ } المذكور العالى الشأن من بعث الله ورسوله . صلى الله عليه وسلم فى الأُميين وتعليمه وتزكيته وقيل النبوة ، قلت : أو كل ذلك { فَضْلُ اللهِ } إِحسانه جل شأنه . { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } وليس لغيره صلى الله عليه وسلم وغير أُمته ، وإِذا نزل عيسى عليه السلام جرى على القرآن والسنة ، ومنها حينئذ أن لا تقبل جزية والجملة مستأنفة أو خبر ثان أو حال من فضل . { وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } على الإِطلاق هذا الفضل وغيره . { مَثَلُ } أى صفة { الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ } اليهود الذين علمهم الله التوراة وجعلهم حاملين لها بالقراءة والحفظ والكتابة { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } لم يعملوا بها ، لم يحملوها حمل عمل بل حمل رواية وفيها رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفاته وأسقطوها وغيروها ، أو من الحمالة وهى الضمانة أى ألزمهم أن يتكلفوا بها { كَمَثَلِ الْحِمَارِ } جنس الحمار كصفة الحمار { يَحْمِلُ أسْفَارَاً } كتبا عظام الشأن والصورة ، كما يدل عليه التنكير لم يعرفوا للتوراة حقا ولا انتفعوا بها كما هو شأن الحمار ، وكأَنهم لا يحتاجون إِليها واختار لفظ أسفار تنبيها على أنها كتب تسفر بالحق وتوضحه ، والجملة نعت الحمار ولو كان معرفة لشبهه بالنكرة لأَن تعريفه جنسى ، وإِن جعلت حالا لم يوجد عامل فى الحال لأَن مثل بمعنى صفة فنكلف بجعل الكاف زائد لتأكيد التشبيه ، وجعل مثل فى الموضعين بمعنى مماثل ، فيصلح للعمل فى الحال ، ونسب الإِمام أبو حيان وجوب الحالية للمحققين مراعاة للفظ المعرفة . { بِئْسَ } أى هو أى ذلك المثل المذكور والمخصوص بالذم هو قوله عز وجل . { مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ } أى القرآن وقيل القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل التوراة كذب اليهود بها إِذ لم يؤمنوا بما فيها من محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفاته ، واستتار فاعل باب نعم بلا تمييز جائز ، ودعوى أن هناك تمييزا مفسر للمستتر بعيد ، كيف يكون المحذوف مفسرا لما لم يذكر { واللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } هذا عموم يشمل المذكورين بالأَولى لأَن الكلام عليهم أو هم المراد لم يضمر لهم ليصفهم بالظلم الموجب للخزى . قال ميمون بن مهران : يا أهل القرآن اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم ثم قرأ الآية . { قُلْ يَا أيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا } انتسبوا إِلى اسم اليهود أو إِلى يهوذا بن يعقوب بأَلف بعد ذال معجمة حذفت وأُبدلت الذال دالا مهملة . { إِنْ زَعَمْتُمْ أنَّكُمْ أوْلِيَاءُ } أحباءُ كما يقولون نحن أبناءُ الله وأحباؤه ، ولن يدخل الجنة إِلا من كان هودا { للهِ } لم يضف فرقا بين مدعى الولاية بلا تحقيق وبين من ثبتت له كقوله تعالى : أَلا أن أولياء الله { مِن دُونِ النَّاسِ } سائر الناس متعلق بمحذوف خال من ضمير الاستقرار { فَتَمَنَّوُا } من الله عز وجل { الْمَوْتَ } لكم بأَن يميتكم لتلقوا حبيبكم ويثيبكم وتنتقلوا من دار الكدر إِلى دار الصفاء . { إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ } فى دعوى أنكم أولياء الله عز وجل ولما ظهرت رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - كتب يهود المدينة إِلى يهود خيبر إِن اتبعتم محمدا أطعناه ، وإِن خالفتموه خالفناه ، فقالوا نحن أبناء خليل الرحمن ومنا عزير ابن الله والأَنبياء ، وفى أى زمان كانت النبوة فى العرب نحن أحق بالنبوة من محمد ولا سبيل إِلى اتباعه فنزل قوله تعالى : { قل يا أيها الذين هادوا } الآية ، وإِن قلت تحقق عند الله أنهم زعموا فما وجه ( إِن ) الشكية ، قلت : وجهها أن زعمهم أمر باطل بعيد حتى كأَنه مما يشك فيه هل وقع .