Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 116-116)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ أَلْقُوا } سوغ لهم موسى رغبتهم فى أَن يلقوا هم أَولا ازدراء لشأنهم وقلة مبالاة بهم وثقة بما كانوا بصدده من التأييد السماوى ، وأَن المعجزة لن يغلبها سحر أَبداً . { فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ } أَروا الناس بالحيلة والشعوذة وخيلوا ما الحقيقة بخلافه ، كما فى قوله تعالى { يخيل إِليه من سحرهم أَنها تسعى } [ طه : 66 ] روى أَنهم أَلقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا ، فإِذا هى أَمثال الحيات قد ملأَت الأَرض وركب بعضها بعضا ، { وَاسْتَرْهَبُوهُمْ } وأَرهبوهم إِرهابا شديداً كأَنهم عالجوا رهبتهم واستدعوها بذلك ، فالسين والتاء للطلب أَو للمبالغة ، واختيرت المبالغة بهما لأَن أَصلهما الطلب والتكلف ، وما كذلك يكون على الكمال { وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } فى فنه من الإِيهام ، وإِنما صح لموسى عليه السلام أَن يأمرهم بإِلقاءِ السحر مع أَن إِلقاءَه كفر لأَنه لم يرد الإِلقاءَ بالذات ، بل أَراده ليظهر بطلانه بمعجزة من الله جل وعلا ، ولو أَلقى أَولا لم يظهر ذلك ، وليس أَمره أَمرا بمعصية ورضا بها ، بل أَمره عبادة لأَنه إِنما تظهر معجزته بإِلقائهم ، ولتحقيرهم وتحقير إِلقائهم ، ولأَن المراد إِن كان لا بد من الإِلقاءِ فأَلقوا أَولا ، وقال فى آية أُخرى { وإِما أَن نكون أَول من ألقى } [ طه : 65 ] ويقال : لما قالوا ذلك سمع موسى عليه السلام مناديا : بل أَنتم ألقوا يا أولياءَ الله ، { فأَوجس فى نفسه خيفة موسى } [ طه : 67 ] وذلك فى الإِسكندرية فيما قيل ، وزعموا أَن ذنب الحية وراءَ البحر ، ولا يتم ذلك إِلا أَن أريد بالبحر الخليج الواصل الإِسكندرية من النيل ، طلوا الخشب الطوال والغلاظ والحبال والعصى بالزئبق وجعلوها فى تجاويفها ميلا فى ميل ، وتحركت بحرارة الشمس ، فالناظر يتخيل حيات تتحرك ويركب بعضها بعضا ، وثعابين ، والسحر تارة تخييل كما فى القصة ، وتارة تحقيق والكل بخلق الله تعالى .