Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 144-144)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ يَا مُوسَى } تسل عما أَصابك من الصعق وغيره مما تكره بإِرسالى إِياك ، وبكلامى كما قال { إِنِّى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ } ناس زمانك المؤمنين المخلصين ، كما أَن قوله { وأَنى فضلتكم على العالمين } [ البقرة : 47 ] مراد به ناس زمانهم لا كل من يجئ ولا الملائكة ، إِلا ما فيه تفضيل ، وأَما الملائكة فلهم كلام الله بلا واسطة تارة وبها أخرى ، وبعض بها وبعض بدونها ، وقيل : سمعه السبعون معه ، لأَنهم أحضروا ليخبروا ، ولما سمعوه طلبوا أَن يرى الله سبحانه فيروه معه . وعن ابن عباس : قعدوا أَسفل الجبل وصعد ولم يسمعوا { بِرِسَالاَتِى وَبِكَلاَمِى } لك بلا واسطة ملك ، أَما هارون عليه الصلاة والسلام فتبع له لا مختص بكتاب ، ولا متكلم له ، وشرعه شرع موسى ، والرسل كلهم شاركوه فى الرسالة ، لكن زاد عليهم بكلام الله عز وجل بلا واسطة ، كلم الله عز وجل وسبحانه وتعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ، والقرآن ناطق بأَن هذه الأُمة خير أمة فما نبيها إِلا خير الأَنبياء ، وليس موسى أَعظم من إِبراهيم ، ولكن قد يؤتى المفضول ما لم يؤت الفاضل ، قال سبحانه : يا موسى إِنما كلمتك لأَنى لم أَخلق خلقاً تواضع إِلى تواضعك ، والرسالة الإِرسال ، ونفس ما أرسل به ، أَو المراد تبليغ رسالتى ، والكلام التكليم ، { وكلم الله موسى تكليماً } [ النساء : 164 ] أَو التوراة ، كما يسمى القرآن كلام الله تسمية بالمصدر ، ومعلوم أَنه لم يؤت رسول كتاباً مثل التوراة إِلا القرآن ، فإِنه أَفضل بإِذن الله ، وحاكم عليها ، وقدم الرسالة على الكلام لأَنها أَسبق ، أَو ليترقى الكلام إِلى الأَشرف ، فإِن التوراة والتكليم أَعلى من باقى الوحى إِليه ، وأَعاد الباءَ تنبيهاً على مغايرة الكلام للرسالة ، قال ابن عباس : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " ناجى موسى ربه بمائة أَلف وأَربعين أَلف كلمة فى ثلاثة أَيام كلها وصايا ، فكان فيما ناجاه : يا موسى ، لم يتصف المتصفون بمثل الزهد فى الدنيا ، ولم يتقرب المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ، ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خيفتى ، أَما الزاهدون فى الدنيا فأَبيحهم جنتى حتى يتبوأوا فيها على أَطيب عيش وأَرغده ، وأَما الورعون عما حرمت عليهم فإِذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إِلا ناقشته الحساب إِلا الورعين فإِنى أَجلهم وأَكرمهم ، وأدخلهم الجنة بغير حساب ، وأَما الباكون من خشيتى فأُولئك لهم الرفيق الأَعلى لا يشاركون فيه ، وأَحب الأَعمال إِلَىَّ ذكرى ، والأَتقى الذى يذكرنى ولا ينسانى ، والأَغنى الذى يقنع بما يؤتى ، والأَفضل الذى يحكم بالحق ولا يتبع الهوى ، والأَعلم الذى يطلب علم الناس إِلى علمه لعله يسمع كلمة تدله على هدى أَو ترده عن ردى ، والأَحب إِلىّ عملا الذى لا يكذب لسانه ، ولا يزنى فرجه ، ولا يفجر قلبه . ويليه قلب مؤمن فى خلق حسن ، والأَبغض قلب كافر فى خلق سئ ، ويليه جيفة بالليل بطال بالنهار . اذكرنى يا موسى بلا إِله إِلا الله ، اذكرنى بلا إِله إِلا الله ، لو أَن السماوات والأَرضين وما فيهن فى كفة ولا إِله إِلا الله فى كفة مال بهن لا إِله إِلا الله " ، { فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ } من الفضل المطلق ، والرسالة والتوراة والكلام ، { وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لنعمتى ، قال موسى : يا رب دلنى على عمل أَشكرك به ، فقال تعالى : " " قل لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير " لو أَن السماوات السبع والأَرضين السبع فى كفة وهذا الذكر فى كفة لمال بهن .