Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-148)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واتَّخَذَ } صاغ { قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ } بعد ذهابه إِلى الطور للمناجاة ، وأخذه العهد منهم أَلاَّ يحدثوا فى الدين ولا يشركوا ومن للابتداء ، وقيل زائدة بخلافها فى قوله : { مِنْ حُلِيِّهِمْ } فإِنها فيه للتبعيض لا لمعنى واحد ، فصح تعلقها بعامل واحد بلا تبعية مع جواز تعلقه بمحذوف نعت لقوله { عِجْلاً } ولو نكرة لتأَخره ، والأَصل حلوى - بضم الحاء واللام وإِسكان الواو - والإِعراب على الياء ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت فى الياء ، جمع حلى بفتح فإِسكان ، و هو ما يتزين به من ذهب وفضة وغيرهما ، استعاروه بأَمر الله حين أَرادوا الخروج من مصر ، قبل غرق فرعون ، وأَبقاه الله عز وجل ملكاً لهم ، وليس غنيمة لأَنه بلا قتال ، ولا تحل لهم الغنائم ، وقيل استعاروه لعرس وأَحل الله عز وجل لهم أَن يملكوه بعد غرق فرعون وقومه كما ورثوا أَرضهم وسائر أَموالهم ، وأَضافه إِليهم لملكهم إِياه بعد الغرق ، والعجل ولد البقرة { جَسَدًا } مستقلا لا صورة منقوشة فى الحائط ، بدل من عجلا لا نعت له ، لأَنه جامد غير مؤول بمشتق إِلا أَن يسوغ ذلك بجعل له نعتاً رافعاً لخوار على الفاعلية فيكون من النعت الجامد لوصفه بمشتق ، أَى جسداً ثابتاً له خوار ، كقوله عز وجل { بشراً سويا } [ مريم : 17 ] وأَجاز بعضهم عطف البيان فى النكرات { لَهُ خُوَارٌ } صوت البقر ، يخور ويمشى عند السدى ، أَو يخور ولا يتحرك عند وهب ، وقيل يمشى ، وكان لحماً ودماً ، وإِذا خار سجدوا له حتى يسكت ، وقيل خار مرة واحدة ، ذبحه موسى عليه السلام ، والذبح دليل اللحم والحياة ، وكذا الخوار ، وحرقه وأَلقاه فى البحر ، صوره السامرى من الحلى ، وكان حدادا مطاعا فى قومه ، وأَلقى فيه أَو فى فمه من تراب أَثر فرس جبريل حين رأَى أَثره ينبت فى الحين ، وقد سأَله قومه إِلهاً يعبدونه . وقيل : وقعت فيه قوة من جبريل وهو روح الحياة فحيى ، وذلك بأَمر الله لا كلما مر بشئ ، وإِنما شاهد أَثر الفرس حين جاءَ جبريل على صورة فرس أَنثى ليتبعه خيل فرعون وقومه ، وكانت ذكوراً فيغرقوا ، وأَمسكه عنده ، أَو كان ذلك عند ذهابه إِلى الطور مع موسى ، وظاهر ذلك أَنه عندهم إِله مستحدث ، لا ما قيل أَنهم من أَهل الحلول ، ادعوا حلول الله فى تلك الصورة ، وأَنهم لذلك قالوا : وإِله موسى ، وإِنما قالوه توهما أَو خداعاً ، وقيل : الخوار مجاز صورى ، وكذا العجل جعل فى جوفه أَنابيب على شكل مخصوص موجه للريح ، فيخرج منه صوت كصوت البقر ، وليس لحماً ولا دماً ، وهو قول جمهور المعتزلة ، ولو كان ذلك لما احتاج إِلى أَثر الرسول ، إِلا أَن يقال : أَحدث فيه أَثر الرسول صوتاً كصوت البقر بلا حياة ولا انقلاب لحماً ودماً ، ولا حاجة إِلى أَنابيب { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ } كما يتكلم الإِنسان ، وكما كلم موسى ربه { وَلاَ يَهْدِيهِمْ } كما يهدى الإِنسان آخر ، وكما هدى الله قوم موسى { سَبِيلاً } نفى للتعجب منهم ، ومن إِخلالهم فى النظر ومن ضلالهم ، إِذ جعلوه إِلهاً وعبدوه حتى أَنه يلزم على ذلك أَنه خالق للأَجسام والأَعراض مع أَنه لا يوجد منه كلام إِلا الخوار ، ولا يرشدهم لسبيل { اتَّخَذُوهُ } صاغوه من الحلى فهو تأكيد لما سبق ذماً لهم ، أَو اتخذوه إِلهاً { وَكَانُوا ظَالِمِينَ } عطف أَو حال ، ومن شأْنهم الظلم بالذنوب لأَنفسهم ولغيرهم فلم يكن ذلك بدعا فيهم ، والظلم أَيضاً النقص من الحق وأَيضاً وضع الشئ فى غير موضعه .