Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 150-150)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى } من المناجاة { إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ } عليهم لعبادتهم العجل ، وقد أَخبره الله فى المناجاة أَو فى الرجوع قبل الوصول { أَسِفًا } حزناً أَو شديد الغضب ، وليسا بمعنى واحد ، كرر للتأْكيد كما قيل : وإِذا أَصبت بمن فوقك حزنت ، أَو بمن تحتك غضبت ، فهو حزن لله سبحانه وتعالى ، غضبان على قومه { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِنْ بَعْدِى } لإِشراككم ، والمراد من بعد غيبتى أَو توحيدى وإِخلاصى العبادة لله عز وجل . وما : واقعة على الخلافة اسم موصول أَو نكرة موصوفة ، والرابط مفعول مطلق محذوف ، أَى بئس الخلافة التى خلفتمونيها ، أَو بئس خلافة خلفتمونيها ، والمخصوص بالذم محذوف ، أَى خلافتهم هذه ، أَو الفاعل مستتر ، وما نكرة موصوفة تمييز أَو مصدرية ، والمصدر تمييز أَو فاعل ، والخلافة بقاؤهم خلفه ، أَو كونهم خلائف فى فعل ما يفعله وقول ما يقول ، ومن حق الخلفاء أَن يسيروا بسيرة مستخلفهم ، ولا يتكرر قوله من بعدى مع قوله خلفتمونى لأَن معنى الخلافة أَن يقوموا مقامه فى التوحيد والعدل وإِبطال الشرك ، ومعنى البعدية ذهابه عنهم إِلى المناجاة ، والخطاب للكفرة منهم ، إِذ عبدوا العجل ، أَو المعنى قمتم مقامى ، فالخطاب لهارون والمؤمنين معه ، إِذ لم يكفوا عباد العجل عن عبادته ، والخلافة فى الحقيقة لسيدنا هارون صلى الله عليه وسلم ، وغيره من المؤمنين تبع له ، وعلى أَن الخطاب له فقط ظن موسى صلى الله عليه وسلم الظن البشرى العاجل الذى لا يؤاخذ عليه ، ولا سيما مع عظم الشرك ، وشدة غضبه أَن هارون لم يفرغ وسعه حتى يمنعهم من الشرك ، فلذلك قيل بئسما ، أَو الخطاب للكفرة وفهارون عليه السلام ومن معه فهم أَشركوا ، وهارون ومن معه قصروا فى ظنهم لموسى عليه السلام { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } ضمن عجل معنى سبق أَو ترك فعداه ، أَى أَسبقتم أَمر ربكم ، أَو تركتموه ، أَى شأنه ، وهو واحد الأُمور ، وهو توحيده وعبادته ، أَو ميعاده أَن يبقوا على الدين ، حتى يأْتى بالتوراة على رأس أَربعين فى قوله { فتم ميقات ربه أَربعين ليلة } [ الأَعراف : 142 ] أَو ثلاثين يوماً ، ويقال : عدوا الليل يوماً والنهار يوماً ، فتم عدد الأَربعين على عشرين ، وقالوا ، أَو قال لهم السامري فتبعوه أَن موسى صلى الله عليه وسلم لم يأْتنا وقد مات ، أَو الأَمر ضد النهى ، أَى تركتم أَمره بالتوحيد والعبادة { وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ } تغلبت عليه شدة الغضب لدين الله فنسى الأَدب مع الأَلواح فأَلقاها فى موضع ليرجع إِليها إِذا تفرغ لكن بعنف فانكسرت فرفع منها ستة أَسباع كان فيها تفصيل كل شئ ، وبقى سبع كان فيه المواعظ والأَحكام . وقيل : رفع ما فى الستة من الإِخبار بالغيب لا نفس الأَلواح ، ثم رد ما رفع فى لوحين بعد أَن صام أَربعين يوماً أخرى لترد ، أَقدر الله تعالى موسى على حملها ولو كان وقر سبعين بعيراً . قال ابن عباس رضى الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أَخى موسى " ، ليس الخبر كالمعاينة إِن الله تعالى أَخبر موسى أَن قومه قد ضلوا فلم يكسر الأَلواح ، ولما عاين ذلك كسر الأَلواح ، أَى اَلقاها عمداً مع تغلب الغضب لا إِهانة ، وقيل : وقعت منه بلا اختيار منه لغفلته عنها للغضب ، والآية إِخبار لنا بما وقع لا تعنيف لموسى ، فضلا عن أَن يقال : لو كان بلا اختيار لم يعاتبه الله سبحانه وتعالى ، ومعنى قوله تعالى { ولما سكت عن موسى الغضب أَخذ الأَلواح } [ الأَعراف : 154 ] أَنه أَخذ بقيتها ، أَو أَخدها كلها كما هو ظاهر الآية ، ما لم يكسر وما كسر ، كما روى أَن كسورها فى تابوت بنى إسرائيل إِلى زمن داود عليه السلام وما بعده مع السكينة كما قال الله عز وجل { وبقيةٌ مما ترك آل موسى وآل هارون } [ البقرة : 248 ] ومن القول بأَن الأَلواح عشر وغير ذلك { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } بشعر رأس أَخيه هارون عليهما السلام ، وهو شعر لحيته كما فى طه ، والقول بأَنه أَخذه ليناجيه فى شأْن القوم ويسأَله ، أَو ليسكته مما فيه من الغضب ، أَو أَخذه أَخذ الإِنسان لحيته فى غضب ، غير ظاهر ولا دليل عليه ، والجر إِليه يدل على العنف وهو المراد ، وما ذكر لا عنف فيه ، وقوله : { لا تأْخذ بلحيتى } [ طه : 94 ] دليل على العنف والعتاب ، وكذا قوله { رب اغفر لى } [ الأَعراف : 151 ] أَى اغفر لى الجر { يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } توهما بأَنه قصر فى كفهم عن الشرك وذلك التوهم جاءه من شدة الغضب لله ، ولا يؤاخذ عليه ، وكان أَكبر من موسى بثلاث سنين ، وكان متحملا لجفاء من جفاه وكان أَحب إِليهم ، وموسى حديد شديد الغضب ومع شدته وحدته يحبه كل من رآه { قَالَ ابْنَ أُمَّ } يابن أم والأَصل أمى قلبت الياء أَلفاً ، وحذفت الأَلف ، وجر الإِضافة مقدر فى الميم ، أَو ذلك كمركب مبنى على الفتح ، وهو أَخوه لأُمه وأَبيه ، واقتصر على الأُم تعطفاً ، ولأَن المقام للعجلة { إِنَّ الْقَوْمَ } بنى إِسرائيل الكفرة { اسْتَضْعَفُونِى } وجدونى ضعيفاً ، أَو صيرونى ضعيفاً ، أَو عالجوا ضعفى باجتماعهم على حتى قهرونى { وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِى } حين أَتيت بمجهودى فى كفهم عن عبادة العجل { فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأَعْدَاءَ } أَى لا تجعلهم شامتين بى ، أَى فرحين ببليتى التى هى الجر بالرأس المشروع فيه ، والشتم باللسان لى ، واللفظ نهى عن المسبب والمراد النهى عن السبب ، وهو فعل ما يكون سبباً لشمتهم ، كأنه قيل : لا تفعل ما يكون سبباً لشمتهم ، أَى لا تبق على هذا الجر ، أَو لا تزد جراً آخر { وَلاَ تَجْعَلْنِى } لا تصيرنى بالتهمة ، أَو لا تعتقدنى { مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فى المؤاخذة والتقصير أَو الرضا ، وقد آخذ بالقول فى قوله { بئسما خلفتمونى } وقوله { ما منعك إِذ رأَيتهم ضلوا أَلاَّ تتبعنى } [ طه : 92 - 93 ] إِلخ … ومقتضى الظاهر معهم ، وأَظهر ليصفهم بالظلم .