Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 172-172)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ } فى بطن نعمان ، زاد جنب عرفة ، أَو بسرنديب جبل فى هند نزل آدم فيه من الجنة ، أَو بين مكة والطائف ، أَو فى الجنة ، وعبر بالأَخذ عن الإِخراج لأَن فيه اختيار الله أَخوذا ، وهو أَنسب فى الإِسناد إِلى الرب على طريق الالتفات السكاكى فقط ، لأَن هذا منقطع عن الخطاب قبله الذى فى بنى إِسرائيل ، والإِضافة إِلى الكاف تشريف له صلى الله عليه وسلم ، ومقتضى الظاهر ، وإِذ أَخذت { مِنْ بَنِى آدَمَ } الذين فى صلبه قبل أَن يلدهم ، سماهم أَبناءَ لأَنهم سيولدون ، فهو من مجاز الأَول { مِنْ ظُهُورِهِمْ } بدل بعض { ذُرِّيَّتَهُمْ } مفعول أَخذ ، والإِخراج من ظهورهم فرع إِخراجهم من ظهره ولازم له ، فأَفادت الآية إِخراج أَولاده الذين من صلبه والإِخراج من صلبهم وهم بنو آدم كلهم ، وقيل : هم مائة وعشرون كما تلدهم حواء بعد ، تلد كل سنة ولدين ابناً وبنتاً ، وأَخرج مما أَخرج منهم نسلا ، ومن هذا النسل ذرية ، ومن الذرية ذرية ، وهكذا ، ثم ردهم فى ظهر آدم أَحياءَ وأَماتهم فى داخله ، والله قادر أَن يشملهم جسد آدم ، واستحالوا لحماً ودماً حتى يخرجوا نطفاً ، وهم صور إِنسان دقاق أَودعها الحياة والعقل ، وأَخرجها السعيد أَبيض والشقى أَسود ، أَو على صور الذر كذلك ، والإِخراج من مسام ظهره أَى ثقبه أَو شق ظهره ، أَو من ثقوب رأسه ، ونص القرآن الظهر ، والأَول أَصح ، وأَولى منه أَن يخرجهم الله بقدرته بلا توسط شق أَو ثقب كما خلق حواءَ منه ، وما روى من أَنه مسح بيمناه على ظهر آدم فخرج السعداء ، ويسراه فخرج الأَشقياء ، كناية عن التعظيم والإِهانة إِذ لا اتصال بين الحادث والقديم ، أَو المسح التقدير ، أَو مسح الملك ، وذلك فى الجنة ، وقيل فى نعمان بعد الخروج ، وقيل قبل الدخول ، { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ } قال : احملوا لى عليكم شهادة ، وليشهد أَيضاً بعضكم على بعض ، وشهادة المرء على نفسه إِقرار { أَلسْتُ بِرَبِّكُمْ } أَى قائلا : { أَلست بربكم } ، أَو محَلى بأَشهد لأَنه فى معنى القول ، قال لهم : اعلموا أَنه لا إِله غيرى ، ولا رب لكم غيرى ، وسأَنتقم ممن أَشرك بى ، وأرسل إِليكم من يذكركم هذا الميثاق ، وأَنزل كتباً ، وقد علم الله أَنهم ينسونه لطول الأَزمنة وتغير الأَطوار ، وكثرة التنقلات ، وعن على الإِمام ، أَى لم أَنس ، ولم أَنس قولى : بلى ، وكذا عبد الله التسترى ، وزاد أَنه يعرف تلامذته من ذلك اليوم ، وأَنه لم يزل يربيهم فى الأَرحام حتى وصلوا إِليه ، والعهدة عليه ، { قَالُوا بَلَى } أَى أَنت ربنا لا غيرك ، وكتب إِقرارهم وأَلقمه الحجر الأَسود ، وكتب أَجلهم ورزقهم وبليتهم ، وآدم مشاهد للخروج والإِقرار والإِدخال ، فرأَى غنياً وفقيراً ، أَو حسناً وغيره ، وصحيحاً ومريضاً ، فقال : يا رب لو سويت بينهم ؟ فقال : إِنى أحب أَن أَشكر . والأَشقياء قالوا : بلى ، خوف هيبة منه فلم ينفعهم . والسعداء قالوه باختيارهم فنفعهم ، وجاءَ التقرير بأَلست بربكم لإِظهار جلاله . وأَمارة نافعة ، وقيل : بالتربية ، والإِخراج المشاهد ، فقالوا كلهم : بلى ، ولا دليل لمن قال إِن الوقف على بلى . وفيه ثم كلام الذرية . وشهدنا من كلام الملائكة وقيل : الآية استعارة تمثيلية بأَن أَخرجهم ، ونصب لهم دلائل ربوبيته ، وركب فى عقولهم ما يدعوهم إِلى الإِقرار بها حتى صاروا بمنزلة من قيل لهم : أَلست بربكم ؟ فقالوا : بلى . نزل تمكينهم من العلم بها وتمكنهم منه منزلة الإِشهاد والاعتراف . { شَهِدْنَا } بذلك تأكيد فى المعنى لبلى ، لا كما زعموا أَن الجمل مقدرة بعد بلى ونعم . فإِن ما يقدرون هو نفس معناهما ، وأَما لا فتقدر بعدها الجمل لأَنها وضعت لا تنفى ما بعدها من جملة أَو مفرد { أَنْ تَقُولُوا } حذر أَن تقولوا ، أَو لئلا تقولوا ، وهو تعليل لأَشهدهم ، والخطاب على طريق الالتفات إِليه من الغيبة ، كأَنه قيل لئلا يقولوا ، أَو حذراً أَن يقولوا { يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا } أَى عن الميثاق الذى أَخذ علينا فى التوحيد { غَافِلِينَ } لا نعرفه ، لا يكون لهم حجة لأَنهم قد أَخذ عنهم وقيل لهم : ستنسونه ونبعث إِليكم كتبنا ورسلنا به .