Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 25-26)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ } كرر القول ، قيل لبعد اتصال الحياة فى الأَرض والموت فيها والإِخراج منها بالأَمر بالإِهباط وبعداوة بعض لبعض ، والاستقرار فى الأَرض والتمتع فيها ، ويبحث بأَنه لا بعد فى ذلك بل مناسبة لأَن ذلك كله فى الأَرض والإِهباط إِليها والإِخراج منها ، بل كرر لإظهار الاعتناء بما بعده وهو قوله { فِيهَا } للحصر { تَحْيَوْنَ وَفِيهَا } قدم للحصر { تَمُوتُونَ } ودخل البحر فى الأَرض لأَن المراد بها ما قابل السماءَ مطلقاً { وَمِنْهَا } قدم للحصر والفاصلة { تُخْرَجُونَ } للجزاء ، وكذا فى قوله : { يَا بَنِى آدمَ } ناداهم ليذكرهم بعض النعم جلباً لامتثال ما هو المقصود بقوله لا يفتننكم { قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا } خلقناه ، وسمى الخلق إِنزالا لأَنه بأَسباب وتدبيرات سماوية كنزول المطر للقطن والكتان وغيرهما ، ولمعيشة الحيوانات ذوات الصوف وغيره وبقضاء فى اللوح المحفوظ كقوله تعالى { وأَنزل لكم من الأَنعام } [ الزمر : 6 ] { وأَنزلنا الحديد } [ الحديد : 25 ] ، { يُوارِى } يستر { سَوْءاتِكُمْ } أَى التى قصد إِبليس كشفها من أَبيكم آدم ، وحتى اضطر إِلى إِلزاق الأوراق فاذكروا نعمة الله عليكم فى إِغنائه إِياكم عن خصف الأوراق ، وفى عدم نزع اللباس عنكم كما نزع عنه ، فهذه الآية متصلة بقوله بدت لهما سوءاتهما إلخ … وروى مسلم عن ابن عباس أَن العرب كانوا يطوفون عراة لأنهم عصوا الله فى ثيابهم فنزلت الآية { وَرِيشًا } لباسا فاخراً تتجملون به فهو أَخص من اللباس ، أَو مالا وخصبا وحسن الحال ، أَو جمالا فى أَبدانكم ، وأَصل الريش فى الجمال وفى المال ، وشهر فى ريش الطائر وهو زينة له كاللباس للآدمى فلا حاجة إِلى دعوى أَن المراد المال أَو الجمال استعارة من ريش الطائر ، ولا إِلى دعوى أَنه مصدر من قولك راشه ريشاً أَى جعل فيه مالا أَو زينة { وَلِبَاس التَّقْوَى } بالنصب عطف على لباسا من إِضافة المشبه به للمشبه . أَى وتقوى كاللباس فإِنها تقى من العذاب والخسة كما يقى الثوب من الحر والبرد وانكشاف العورة ، وهى على العموم ، أَو خشية الله عز وجل أَو الحياء أَو الإِيمان أَوا لسمت الحسن ، أَو لباس الحرب كالدرع والمغفر ، فالتقوى على هذا اتقاء ضرر العدو ، وإِضافته إِضافة الآلة للعمل ، ويقال إِضافة السبب ، وكذا إِن فسرنا لباس بما يستر العورة ، وأضيف للتقوى رداً عليهم إِذ زعموا أَن التعرى فى الطواف تقوى ، أَو هو اللباس الخشن للتواضع أَو اللباس المزين لحضور مواضع العبادة تعظيماً لها أَو تمتعاً بلا رياء ولا سمعة . لأَن للزينة غرضاً صحيحاً كما قال الله جل جلاله : { وَزِينَةً } [ النحل : 8 ] { ولكم فيها جمال } [ النحل : 6 ] والأَول أَولى لأَن المتبادر أَن المقام مدح للتقوى نفسها لا لسببها { ذَلِكَ خَيْرٌ } من لباس الستر ولباس الزينة ومن كل لباس ، والإِشارة إِلى لباس التقوى أَو إِنزال اللباس وهو أَولى لأَنه أَظهر فى أِنه آية كما قال { ذَلِكَ } أَى إِنزال اللباس كله { مِنْ آياتِ اللهِ } الدالة على فضله ورحمته ، كما يدل له المقام ، أَو من دلائل قدرته { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } يقبلون إِلى تدبر ما أَعرضوا عنه فيؤمنون بوحدانيته ويعرفون نعمته ، ويتورعون عن القبائح . والمقام للخطاب إِشارة إِلى أنهم كمن يوأس منه فيترك خطابه ، وإِلى أَنه يكفى فى خطابهم ما مر .