Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 29-29)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ أَمَرَ رَبّى بِالقِسطِ } بالعدل ، وكل ما أَمر الله عز وجل به عدل ولو صعب أَو لم تستحسنه النفس ، ولا تفريط ولا إِفراط فيه { وَأَقِيمُوا } عطف على أَمر ربى وليس فيه عطف الأَمر على الإِخبار لأَن المعنى ، قل لهم لفظ أَمر ربى بالقسط ، ولفظ أَقيموا ، والجمل بعد القول أَسماء مراد بها أَلفاظها ، ولا حاجة إِلى دعوى عطفه على معنى القسط مع تضمينه معنى أَمر ربَّى قال اقسطوا وأَقيموا ، ولا إِلى دعوى أَن التقدير اقبلوا ولا إِلى دعوى تقدير القول ولا إِلى دعوى العطف على فعل ينحل إِليه المصدر الذي هو القسط أَى أَمر ربى بأَن أَقسطو أَو أَقيموا { وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ومعنى إِقامة الوجوه عند كل مسجد إِقامتها نحو القبلة عند كُل سجود أَى صلاة فهو مصدر ، أَو عند كل وقت صلاة فهو اسم زمان ، أَو فى كل موضع سجود يمكن ولا تؤخروها إِلى أَن تخرجوا إِلى مساجدكم كما أَن من قبلكم أمروا بتأخيرها إِلى أَن يرجعوا إِلى مساجدهم ، فهو اسم مكان ، والمسجد على هذا بمعنى المصطلح عليه من البناء ، وفى هذا بعد كما فى قول من قال اقصدوا المسجد فى وقت كل صلاة على أَنه أَمر بالجماعة ندباً عند بعض ووجوباً عند آخرين . أَو توجهوا إِلى عبادته مستقيمين غير عادلين إِلى غيرها ، وذلك بالصلاة كما تقول : أَطع الله فى الصلاة ، وأَنت تريد أَطع الله فيها بإِقامتها لا بعبادة أُخرى توقعها فيها { وَادْعُوهُ } اعبدوه واسأَلوه حوائجكم { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أَى العبادة أَو الإِيمان بالله . أَخلصوا ذلك عن الشرك ، وإِن فسرنا إقامة الوجوه عند كل مسجد بإِخلاص الصلاة كان هذا عطف عام على خاص إِن فسرنا الدين بالعبادة وعطف مغاير إِن فسر بالإِيمان بالله { كَمَا بَدأَكُمْ تَعُودُونَ } تعودون عودا ثابتاً كبدء إِياكم أَو عوداً مثل بدء إِياكم فى أَن كلا منهما إيجاد بعد عدم . ولو كان الأَول من نطفة وأَطوار مترتبة والثانى غير ذلك والجملة مستأنفة لإِبطال إِنكارهم البعث ، بأَن القادر على البدء قادر على الإِعادة وليست أَشد على الله ولا شدة على الله ، وتعليل لقوله وأَقيموا إِلخ ، أَى امتثلوا ما أَمرتكم به من القسط وإِقامة الوجه والدعاء والصلاة فإِنكم بعد موتكم ستبعثون للجزاء بأَعمالكم ، وكما بدأَكم من التراب تعودون إِليه ، وكما بدأَكم حفاة عراة غرلاً تعودون ، وكما بدأَكم مؤمناً وكافراً تعودون إِليه فى الآخرة مؤمنا وكافرا على أَصل السعادة والشقاوة ، هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ، روى الترمذى يخط عتيق محشى عليه مقروء على شيخ اشتريته من مكة " عن عمر بن العاص : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يده كتابان فقال : أَتدرون ما هذان الكتابان ؟ قلنا : لا يا رسول الله ، فقال للذى في يده اليمنى : هذا كتاب من رب العالمين فيه أَسماء أَهل الجنة وأَسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أَجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أَبدا ، ثم قال للذى فى شماله : هذا كتاب من رب العالمين ، فيه أَسماء أَهل النار وأَسماء آبائهم وقبائلهم ثم أَجمل على أخرهم ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أَبدا ، فقال أَصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إِن كان أَمر قد فرغ منه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أَهل الجنة وإِن عمل أَى عمل ، وإِن صاحب النار يختم له بعمل أَهل النار وإِن عمل أَى عمل ثم قال بيديه فنبذهما ، ثم قال : فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير " ومعنى قال للذى فى يمينه إِلخ فى شأْن الذى ، ومعنى قال بيديه أَشار بهما ، ومعنى قولهم أَجمل إِنه أَجمل الحساب فى آخر الورقة كالفذلكة ، و ذلك كله تحقيق ، وقيل تمثيل .