Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 36-37)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بآيَاتِنَا } مِنْكُمْ { وَاسْتَكْبَرُوا } ترفعوا { عَنْهَا } أَى عن تصديقها تعظيماً لأَنفسهم عن أَن يذعنوا لها { أَولَئِكَ أَصْحَابُ } أى ملاصقو وحاضرو { النَّارِ } ولا دلالة فى الآية باسقاط الفاء من قوله أولئك على جواز إِخلاف الوعيد ولو عند قومنا كما توهم بعضهم ، فإِن المشرك لا يعفى عنه إِجماعاً ، والمكذب مشرك إِلا أَن يدعى أَن الإِسقاط تلويح إِلى جواز إِخلافه فى غير المشرك ، وذلك مع أنه غير حجة هو ضعيف أَيضاً . ومقابل ذلك أنها تثبت فى فلا خوف إِلخ مبالغة فى الوعد ، كذا قيل ، وإِنما يثبت على أَن من موصولة ، ولا يلزم هذا بل الأَصل أَنها شرطية ، وقرن خبر الموصولة بالفاء تشبيه لها فى العموم بالشرطية لا تلويح للمبالغة { هُمْ فِيهَا خَاِدُونَ } أبدا . وعظم الله عز وجل جريمة المتكبرين عن الإِيمان الموجبة للعقوبة بقوله : { فَمَنْ أَظْلَمُ } لا أَعظم ظلماً ولا مساوئَ { مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا } بالإِشراك وإِثبات الصاحبة والولد وتحليل ما لم يحل وتحريم ما لم يحرم { أَوْ كَذَّبَ بآيَاتِهِ } أَى المتلوة والمعجزات { أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ } فى الدنيا { نَصِيبُهُمْ } من رزق ولباس وصحة بدن وعمر وسائر ما يتمتع به ، وهذا أَنسب بلفظ النصيب لأَنه فى النفع أَظهر ، أَو نصيبهم سواد الوجوه وزرقة العيون ونار تلظى { فأَنذرتكم ناراً تلظى } [ الليل : 14 ] والأَغلال { إِذ الأَغلال فى أَعناقهم } [ غافر : 71 ] أَو الجزاء على الأَعمال ، وهذه الشرور أَنسب بقوله ينالهم إِذا لم يقل ينالون ، أَو كل ما يكون لهم فى الدنيا من محبوب ومكروه وغيرهما ، هذا والوجه الأَول أَنسب بقوله حتى إِذا جاءَتهم إِلخ لأَن حتى ولو كانت للابتداء لا تخلو من الغاية والتفريع بخلاف ما هو من الشر الذى يقع فى الآخرة ، فإنه لا يسبق الوفاة فلا تتفرع عليه ، اللهم إِلا على طريق الترتيب الذكرى والنصيب هو المكتوب ضمن فى قوله ( مِنَ الْكِتَابِ ) للبيان ، والكتاب بمعنى المكتوب ، إِذ ينالهم نصيبهم حال كونه هو المكتوب لهم أَو مكتوبهم . ويجوز أَن تكون للتبعيض فيشمل الكتاب كل ما كتب لهم ولغيرهم . كما قيل إِن الكتاب اللوح المحفوظ فانه كتاب فيه نصيب كل أَحد ، وعليه فمن للابتداء { حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا } ملك الموت وأَعوانه { يَتَوَفَّوْنَهُمْ } يستكملون عدد أَرواحهم فى الموت عند آجالهم ، أَو رسلنا ملائكة موكلون باستكمال عددهم فى إِدخال النار ، والجملة حال مقدرة ، أَى ناوين توفيهم أَو مريدين له { قَالُوا } أَى الرسل { أَيْنَ مَا } ما موصول اسمى أَى أَين الذين { كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } أَى تدعونهم ، أَى تعبدونهم وإِنما قدرت الذين وضمير جماعة الذكور والعقلاء وهو هم لأَن المشركين يعظمون أَصنامهم ويتكلمون بصيغة ذلك كما فى آياتٍ أخر ، وكما عبَّروا عنهم بواو ضلوا فى قوله { قَالُوا } أَى المشركون { ضَلُّوا } أَى الأَصنام { عَنَّا } أَى غابوا إِذ لم يحضروا ، أَو غابوا أَو لم ينفعونا فكأَنهم غابوا ولو حضروا ، ومقتضى جواب أَين أن يقولوا : لا ندرى أَين هم ، أَو فى موضع كذا ولكن أَجابوا بضلوا لأَن معنى السؤال : ما شأْن آلهتكم التى تعبدونها وترجون نفعها ، فأَجابوا بأَنها ضلت حين اشتدت الحاجة إِلى النفع . وأَنت خبير بأَن مجيء الرسل والتوفى فى الدنيا وقولهم ضلوا فى الاخرة ، فليس قالوا جواب إِذا ، بل جوابها محذوف أَى اشتد الأَمر عليهم أَو كان ما لا يوصف ، وقالوا مستأنف لما بعد القيامة ، والبعث بصيغة الماضى لتحقق الوقوع ، ويجوز أَن يكون جواب إِذا إِما على أَنه عند الموت ، كأَنه قيل أَين ما كنتم تدعون فيدفعون عنكم الموت وشدته ، قالوا : ضلوا عنا ، كما يقولونه بعد البعث أَيضاً ، وإِما على أَن ما بين الموت والحشر كالزمان الواحد كما هو ظاهر قوله مما خطيئاتهم أَغرقوا فأدخلوا ناراً ، إِن لم نقل نارا فى الماء ، وإِما على أَن الزمان الممتد من ابتداء المجيء والتوفى إِلى انتهائه هو يوم الجزاء والموت ، من مبادئ قيام القيامة ، وإِما على قصد بيان غاية البعث والجزاء ، كأَنهما عند ابتداء التوفى وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من مات فقد قامت قيامته " { وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ } عطف قصة على أخرى ، أَو على قالوا فيكون من جوابهم وليس من مقولهم ، وإِنما يكون منه لو عطف على مدخوله فيصح كلام أَبى حيان ، ولا تعارض بين الآية وقوله تعالى { والله ربنا ما كنا مشركين } [ الأَنعام : 23 ] لأَنهم طوائف تقول طائفة ما لم تقل أخرى ، ويقولون فى وقت ما لم يقولوا فى الآخر .