Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 46-46)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ } أَى على أعراف الحجاب أَى أَعاليه ، وهو أَعلى موضع فى الموضع العالى ، والمفرد عرف وهو مأخوذ من عرف الديك ، وقيل جبل أُحد ينقل إِلى ذلك الموضع ، قال صلى الله عليه وسلم : " أُحد جبل يحبنا ونحبه وأَنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار يجلس عليه اَقوام يعرفون كلا بسيماهم ، وهو إِن شاءَ الله من أَهل الجنة " وقيل سور الجنة ، والأَول هو الذى ظهر لى ثم رأَيته لغيرى { رِجَالٌ } قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ومعهم نورهم وقفوا بين الجنة والنار على الأَعراف لتوسطهم بين الحسنات والسيئات ومصيرهم إِلى الجنة إِذ لا دار فى الآخرة إِلا هى أَو النار ، يلقون فى نهر حافتاه قضب الذهب مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك فتصلح ألوانهم فتكون فى نحورهم شامة بيض يعرفون بها يسمون مساكين أَهل الجنة : قاله حذيفة وابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم . واعتبار استواء الحسنات والسيئات أَو الزيادة مذهب قومنا والمشارقة ، وأَما المغاربة فلا يعتبرون ذلك بل إِن مات تائبا بطلت سيئاته كلها ولو كن أَكثر ، أَو مصرا بطلت حسناته ولو كن أَكثر ، ولا مانع من أَنهم ماتوا تائبين ولكن حبسوا لاستوائها ، إِلا إِن صح أَنهم آخر من يدخل الجنة فإِنه من قلت حسناته ومات تائبا أَحق بالتأخير ، وقيل أَهل الفترة ، ولا يصح لأَنهم مشركون مصيرهم إِلى النار ، ولا بأَن آمنوا بالله ووحدوه ولم يجدوا من يعلمهم سائر أُمور الشرع ، أَو أَقوام خرجوا إِلى الجهاد من غير إِذن آبائهم فقتلوا ، قاله شرحبيل بن سعد ، وروى عنه صلى الله عليه وسلم أَنهم قوم قتلوا عصاة لآبائهم فمنعهم القتل عن النار معصية آبائهم عن الجنة ، وهم آخر من يدخل الجنة ، ذكره الطبرى أَو قوم رضى عنهم آباؤهم دون أُمهاتهم أَو أُمهاتهم دون آبائهم قاله إبراهيم النخعى ، أَو أَطفال المشركين ، رواه أَبو صالح عن ابن عباس ، أَو قوم صالحون علماء فقهاء يكون هناك نزهة ولبيان شرفهم ، قاله مجاهد ، أَو أَنبياء ، حكاه ابن الأَنبارى ، إِظهارا لفضلهم وليطلعوا على أَهل الجنة والنار ومقادير الثواب والعقاب أَو ملائكة يعرفون الفريقين بسيماهم . والتأْنيث بتأَويل الجماعة كما فى قوله تعالى تتنزل الملائكة ، وقوله تعالى تتوفاهم الملائكة طيبين ، وقوله إِلا أَن تأْتيهم الملائكة لا يمنع ذلك ، ذكره أَبو مجلز ، واعترض بأَن لفظ الرجال يطلق على ذكور الآدميين والجن أَو الشهداءِ أَو فضلاءِ المؤمنين . والشهداء فرغوا من شغل أَنفسهم وتفرغوا لمطالعة أَحوال الناس ، أِو عدول القيامة يشهدون على الناس وهم فى كل أُمة ، واختاره النحاس ، أَو قوم لهم صغائر لم تكفر بالمصائب وليس لهم كبائر ولو كفرت باجتناب الكبائر والوضوءِ والصلاة والحج والعمرة والصوم . وفيه أَنه إِذا كفرت لم تحتج إِلى تكفير آخر ، وأَولاد الزنى ، روى عن ابن عباس ، وهو ضعيف إذ الزنى دنب لآبائهم ، رأَيت هذه الأَقوال فى تذكرة القرطبى من نسخة مقابلة على نسخة نسخت من خطه { يَعْرِفُونَ } أَى يعرفون أَهل الجنة وأَهل النار { كُلاًّ بِسيمَاهُمْ } علاماتهم من بياض وجوه المؤمنين ونورهم وسواد وجوه الكفرة وظلمتهم ، من سام الفرس إِذا أَرسلها فى المرعى من السيمة بمعنى العلامة لأَنهم يعلمون الدَّابة بعلامة ويسرحونها للمرعى فلا قلب ، أَو من وسم أَى جعل علامة فقدمت السين على الواو وقلبت ياءَ للكسر فيها ففيها القلب الصرفى والمكانى ، وذلك كاف فى المعرفة لا نور للكافر فى وجهه ولا ظلمة للمؤمن يومئذ ، وقيل بالإِلهام أَو بإِخبار الملائكة ، وهذه السيما زيادة على علامة كونهم فى الجنة وكونهم فى النار لأَن ذلك بعد كونهم فيها ، ولا مانع من كونه بعد الكون فيهما ، ولا حاجة للعلامة بعد الدخول إِلا قوله ونادى أَصحاب النار أَصحاب الجنة ، فبعد الدخول ، وذلك بينهم لا مدخل فيه لأَهل الأَعراف { وَنَادَوْا } من الأَعراف وهى عالية على الجنة أَو سور الجنة شفاف ، أَو ينادون ولو بلا رؤية { اَصْحَابَ الْجَنَّةِ } بعد كونهم فيها { أَنْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } إِخبار لا دعاء لأَن أَهل الجنة آمنون من المكاره ، أَو دعاء بالزيادة لهم { لَمْ يَدْخُلُوهَا } أَى أَصحاب الأَعراف حال من الواو أَو مستأْنف ، كأَنه قيل ما حال أَهل الأَعراف فقال لم يدخلوها { وَهُمْ يَطْمَعُونَ } فى دخولها ، وهذا ينافى أَن أَهل الأَعراف ملائكة أَو أَنبياء أَو شهداء لأَنهم موقنون بدخول الجنة لا طامعون ، إِلا أَن يتكلفا قوله يطمعون كما فسر الحسن وأَبو على الطمع هنا باليقين ، وأَيضا لا يلائم ذلك قوله عز وجل { وإِذا صرفت أَبصارهم } [ الأَعراف : 47 ] إلخ ، وأَيضا هؤلاءِ يدخلون قبل كل أَحد ، ولا يعادله ما قيل أَنهم يوقفون ليشاهدوا أَحوال أَهل الجنة وأَهل النار ويزيدون لذة وأَهل النار حسرة بهم ، أَو نادى أَصحاب الأَعراف أَهل الجنة قبل دخولها ، فقوله لم يدخلوها حال من أَصحاب أَو مستأَنف والواو لأَصحاب الجنة الموقنين بدخولها ، لكن الإِنسان ما لم يتصل بمقصوده يطمع فيه ولو أَيقن فيه ، أو واو يطمعون لأَصحاب الأَعراف .