Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 65-69)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِلَى عَادٍ } داخل فى القسم لأَنه معطوف على قوله إِلى قومه وعطف على نوحاً قوله { أَخَاهُمْ هُودًا } ولا حاجة إِلى دعوى تقدير ، وكذا فيما بعد . وعاد هو بن عوص بن أَرام بن سام بن نوح ، سميت به أَولاده ونسلهم ، وهود عربى وظاهر سيبويه أَنه عجمى كنوح ولوط ، بل هما مختلف فيهما أَيضاً ، وهود هو غابر بن شالخ بن أَرفخشد ابن سام بن نوح ، أَو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد ابن عوص بن إرم بن سام وقيل ابن شالخ بن أَرفخشد ابن سام عاش أَربعمائة سنة وأَربعاً وستين سنة ، وقيل مائة وخمسين وصالح مائتين وثمانين . وقيل نوح ابن عم أَبى عاد ، وقيل هو ابن عوص ابن إِرم بن سام بن نوح ، وكان بين هود وبين نوح ثمانمائة سنة ، وهو ابن أَبى عاد وجعل منهم لأَنهم أَفهم لقوله وأَعرف لحاله وأَرغب فى اتباعه . قال الكلبى : هو واحد من تلك القبيلة ، وقيل ليس منها ولكنه سمى أَخا لهم لأَنه من جنسهم الآدمى لامن الجن ولا من الملائكة ، وذكر أَهل اليمن أَن يعرب بن قحطان بن هود هو أَول من تكلم بالعربية ، وبه سميت العرب عرباً ، فهو أَعجمى صرف صرف نوح ولوط ، وفى القرآن ذكر القوم المرسل إِليهم باسمهم إِن عرفوا باسم كعاد وثمود ومدين ، وبلفظ القوم إِن لم يعرفوا باسم { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله } وحده ، لم يكن هود فى التذكير لقومه كنوح بل دونه فى المواظبة ، وكأَنه قيل فما قال لهم فلم يكن العطف ، ولما كثر من نوح كان بالعطف بالفاء لأَنه لم يتأَخر تذكيره عن الإِرسال لأَنه حضرهم ، وهود ذهب إِليهم من موضع ولو كان فيهم ، بل قيل باشر نوح التذكير قبل الإِرسال ، واحتج على وجوب عبادة الله وحده بقوله { مَا لَكُمْ مِنْ إلهٍ غَيْرِهِ } على حد ما مر { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أَتغفلون فلا تتقون عذابه ، أَو أَتعرضون فلا تتقون العقاب والإِشراك وظلم العباد وعبادة الأَصنام ورمل وصمد وصدم وصمود والبهاء أَصناما لهم ، وفى هود أَفلا تعقلون ؟ فنقول قالهما معاً ، فذكر الله عز وجل كلا فى موضع ، كما ذكر فيها إِن أَنتم إِلا مفترون ، وقال هنا أَفلا تتقون ، لأَنهم تقدمهم عذاب قوم نوح وقد علموا به ، وقيل لأَنهم أَقرب إِلى القبول من قوم نوح ، وكانوا ينزلون اليمن بالأَحقاف ، رمال بين عمان وحضرموت ، وكانوا قد قهروا أَهل الأَرض بفضل قوتهم وعظم أَجسامهم ، وقالوا : من أَشد منا قوة ، وكأَنه قيل : بم أَجابوه فقال : { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ } كان من أَشرافهم من آمن به كمرثد بن سعيد بن عفير ، ولذلك قيد الملأَ بالذين كفروا بخلاف نوح ، فالقليل الذين آمنوا به ليسوا من أَشراف قومه وإِن كانوا منهم فإِنهم لم يؤمنوا عند مخاطبته لهم ، بل بعد ، ومثل مرثد آمن بهود عند مخاطبته ، وذلك فى سورة قد أَفلح ، وصف قوم نوح بما وصف به قوم هود إِلا أَن الوصف هناك للذم لا للتمييز وهنا للتمييز والفرق ، كذا قيل ، ولا مانع هنا أَنه للذم { إِنَّا لَنَرَاكَ فِى سَفَاهَةٍ } خفة عقل وفساد وجهالة إِذ فارقت دين قومك { وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِين } عن الله فيما تقول ، وما أَنت برسول ، خوف نوح عليه السلام قومه بالطوفان فقالوا له ، إِنا لنراك فى ضلال مبين حين تدعى الوحى من الله وحين تصنع سفينة فى أَرض لا ماءَ فيها ، وأَما هود فنسب عبادة الأَصنام إِلى السفه فقابلوه بإِنا نراك فى سفاهة وهم أَقل سوء بالنظر إِلى قوم نوح لسماعهم بالطوفان ، ولذا قال هنا أَفلا تتقون بصورة استبعاد عدم اتقائهم بعد علمهم بما حل بقوم نوح ، وفى سورة هود أَفلا تعقلون . إِما ذكراً بالمعنى مرجع كل إِلى معنى واحد ، أَو خاطبهم لكل منهما ، وذكر فى سورة ما لم يذكر فى الأُخرى كما ذكر هنا إِن أَنتم إِلا مفترون ، وهكذا ما أَشبه ذلك فى القرآن ورد عليهم أَبلغ رد بما فى قوله : { قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بى سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّى رَسُولٌ مِنَ رَبِّ العَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّى وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } فإِن من هو رسول رب العالمين فى غاية الرشد لا يخالطه سفاهة ، وفى نفى السفه إِثبات الرسالة منه تعالى نفى للكذب عنه فلم يصرح به فى مقابلة قولهم إِنا نظنك من الكاذبين ، وكان هود دون نوح فى تكرير الدعاء لقومه فناسبه الفعل المضارع الدال على التجدد إِذ قال أَنصح لكم ، وناسب هودا الاسمية وأَمين بمعنى مأْمون على الرسالة ، وقبح عجبهم الداعى إِلى كفرهم بقوله : { أَوَ عَجِبْتُمْ } استبعدتم وعبتم { أَنْ جَاءَكُمْ } من أَن جاءَكم { ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ } أَى لسان رجل { مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } على حد ما مر { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أَى لا تعجبوا واذكروا أَو تدبروا فى أَمركم واذكروا وقت جعلكم حلفاءَ فى الأَرض أَو ساكنين فيها فى مساكنهم ، وكان شداد بن عاد ممن ملك معمور الأَرض ، وأَوجب ذكر الوقت ولم يذكر بالإِيجاب الحوادث فيه مع أَنها المقصودة بالذات للمبالغة فى إِيجاب ذكره بإِيجاب ذكر الوقت لاشتمال الوقت عليها واستحضاره بمثابة استحضارها بتفاصيلها معاينة . { وَزَادَكُمْ فِى الْخَلْقِ } فى الإِيجاد لكم أَو فى البدن المخلوق { بصْطةً } سعة فى القوة والعرض والطول سبعة أَذرع عرض لستين طولا ، ويزيد العرض وينقص والله أَعلم ، ويأْتى أَحدهم الجبل فيقطع منه قطعة عظيمة ويقطع منه ما لا يحمله خمسمائة رجل من هذه الأُمة ، ويدخل أَحدهم قدمه فى الأَرض الصلبة فتدخل فيها ، ويقال طويلهم مائة ذراع وقصيرهم ستون ، وبه قال الكلبى ، أَو طويلهم خمسمائة ذراع وقصيرهم ثلاثمائة أَو طويلهم ثمانون أَو سبعون أَو أَربعمائة ، وذلك بذراعهم فيما قيل ، وهو مشكل فإِن فى جسد الإِنسان أَربع أَذرع نفسه تقريباً ، ورأْس أَحدهم كالقبة العظيمة تلد الضبع فى عينه أَو أَنفه ، ومنهم شداد بن عاد ، وقد ملك المعمور من الأَرض ، وكان هود عليه السلام فى طولهم وعرضهم وقوتهم وأَحسنهم وجهاً وأَجملهم أَبيض طويل اللحية { فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ } من البسطة والأَموال ، تعميم بعد تخصيص ، والأَصنام لا تقدر على ذلك فكيف تعبدونها ، وقد يتغذى أَحدهم بمائة كبش أَو جمل ، والمفرد إِلىً بالتنوين كرضى أَو إِلىٌ كفعل أَو ضلع { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } بذكرها الموصل إِلى الشكر المؤدى إِلى الفلاح ، أَو الذكر الشكر وهو يؤدى إِلى الفوز بالجنة ، ولا بد من العمل والتقوى ، أَو هما المراد بالذكر فالفلاح بالجنة .