Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 63-63)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قَلُوبِهِمْ } هم الأَوس والخزرج ، كانوا فى حروب بينهما مائة وعشرين سنة ، وفى حمية عظيمة ، والحمية فى العرب عظيمة وهى فى الأَوس والخزرج أَعظم ، لو لطم أَوسى خزرجيا أَو خزرجى أَوسيا لسعى قوم الملطوم فى الأَخذ بالثأر حتى يكون القتال ، وإِن أَخذ به سعى قوم المأخوذ منه وهكذا ، ولما دخلهم الإِسلام أَبدلوا بتلك الحمية المحابة ، وكانوا كلهم يدا على الكفار حتى أَن الرجل منهم يقتل أَباه وأَخاه فى الله إِلا إِن منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يخفى أَن شدة تحابهم بعد شدة ذلك الحقد والحمية حتى لا يكاد يتأَلف قلبان معجزة له صلى الله عليه وسلم ، إِذ صاروا كنفس واحدة { لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِى الأَرْضِ جَمِيعًا } من الأَموال فى التأليف بينهم { مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } لبلوغهم غاية الحقد حتى أَنهم لا يرضون بمال ما بدل أَخذ الثأر والنصرة ولا غرض لهم فى سوى ذلك { وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } بقدرته وكون القلوب بيده يصرفها حيث شاءَ وأَثر فيها الإِيمان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الأَنصار ، أَلم أَجدكم ضلالا فهداكم الله بى ، وكنتم متفرقين فجمعكم الله بى ، وكنتم فقراءَ فأَغناكم الله بى ، فقال : أَلا تقولون جئتنا طريدا فآويناك وأَصحابك ، ومحتاجا فواسيناك ، وكذبك قومك فصدقناك " ، فقالوا : لا نقول ذلك ، المنة لله ولرسوله علينا { إِنَّهُ عَزِيزٌ } لا يكون مغلوبا على ما أَراد أَو لم يرد ، ولا يعجز لأَنه تام القدرة ، { حَكِيمٌ } لا يخرج شئ عن حكمته ولا عبث له ولا سفه ، ويفعل ما أَراد بإِتقان ، ومن ذلك أَنه زين فى قلوبهم الإِيمان وكره إِليهم الكفر حتى كان من وافقهم على ذلك حبيبهم ، قريبا كبعضهم لبعض أَو أَجنب كالمهاجرين ، واستبدلوا أَغراض الدنيا بأَغراض الآخرة لدوامها .