Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 68-68)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ } نعتان لكتاب ، ويجوز على الصحيح كون { سبق } خبر إِلا أَنه كون خاص من الله متعلق به ، أَى سبق بأَلا يمسكم عذاب فى هذا الفداء والأَسر وغيرهما ، والكتاب الحكم ، سبق فى علم الله وفى اللوح المحفوظ ، أَو سبق لا يؤاخذ المجتهد فى خطئه ، أَو أَلا يعذب أَهل بدر ، بمعنى التوفيق إِلى التوبة ، لا بمعنى إِسقاط التكليف عنهم ، أَو أَلا يعذبكم ، لأَنه لم يصرح لكم بالنهى عن الفداءِ ، أَو أَن لا يعذبهم وأَنت فيهم ، أَو أَن الفداءَ سيحل لهم ، وفيه أَن ما سيحل لهم باق على التحريم حتى يحل ، وأَما من وطئَ زوجه يظنها غيرها فليس كذلك لأَنها حلال فى حينه ، ولو عصى أَو كفر بنيته ، وأَما الفداء فحرام فى حينهم حتى ينزل حله بعد ، وفيه أَيضا أَنه معطل للتخويف فى الآية ، وقد يجاب بأَن المعنى : سبق من الله العفو عنكم فضلا لسبب أَنه سيحله ، وقد تجمع تلك الأَوجه كلها ، أَو أَن رحمتى سبقت غضبى { لَمَسَّكُمْ فِيمَا } بسبب ما { أَخَذْتُمْ } من الفداءِ { عَذَابٌ عَظِيمٌ } فى الدنيا عقاباً وتكفيرًا ، قال صلى الله عليه وسلم : " لو نزل العذاب لما نجا منه إِلا عمر وسعد ابن معاذ " ، لأَنهما لم يقبلا الفداءَ ، وغيرهما قبله ، أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعين أَسيرا فاستشار فيهم ، فقال الصديق رضى الله عنه : قومك وأَهلك لعلهم يتوبون ، وخذ منهم فدية تقوى بها أَصحابك على العدو ، أَى هم قومك ، أَو ارحم قومك ، وقال عمر رضى الله عنه : اقتلهم فإِنهم أَئمة الكفر ، كذبوك وأَخرجوك وقد أَغناك الله عن فدائهم ، ومكِّنى من نسيبى فلان ، ومكِّن عليا من أَخيه عقيل ، وحمزة من أَخيه العباس ، وقال ابن رواحة : اضرم عليهم نارا فى واد كثير الحطب ، فقال العباس : قطعت رحمك . وكره صلى الله عليه وسلم قوله فدخل . فقيل : يأخذ بقول الصديق ، وقيل : يأخذ بقول عمر ، وقيل : بقول ابن رواحة . فخرج صلى الله عليه وسلم ، فقال : " إِن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون أَلين من اللين ، ويشد قلوب رجال حتى تكون أَشد من الحجارة ، وإِن مثلك يا أَبا بكر مثل إِبراهيم ، قال : " فمن تبعنى فإِنه منى ، ومن عصانى فإِنك غفور رحيم " ومثل عيسى " إِن تعذبهم فإِنهم عبادك وإِن تغفر لهم فإِنك أَنت العزيز الحكيم " ومثلك يا عمر مثل نوح قال " رب لا تذر على الأَرض من الكافرين ديارا " أَو مثل موسى قال " ربنا اطمس على أَموالهم واشدد على قلوبهم " الآية ، ولم يمثل لابن رواحة ، ولا يليق به مثال عمر لأَن قتلهم بالنار غير جائز أَلبتة ، وبعيد عن أَمر الشرع ، رضى الله عن ابن رواحة ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يفلتن أَحدكم إِلا بفداء أَو قتل " قال ابن مسعود للأَسهل ابن بيضاءَ : سمعته يذكر الإِسلام ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن مسعود : فما رأَيتنى فى يوم أَخوف أَن تقع على الحجارة من السماءِ من ذلك اليوم ، حتى قال صلى الله عليه وسلم ، للأَسهل ابن بيضاءَ ، وأَخذ عن كل واحد أَربعين أُوقية من الذهب ، أَلفا وستمائة درهم إِلا العباس فثمانين أُوقية ، وقيل قال : أَعط عنك أَربعين ، وعن ابن أَخيك أَربعين ، وهو عقيل ، وعن ابن أَخيك نوفل بن الحارث أَربعين ، وروى أَن فداءَ العباس أَربعون أُوقية وفداءَ سائرهم عشرون ، وعن ابن سيرين : فداؤهم مائة أُوقية ، والأُوقية أَربعون درهما ، وقد أَخذت منه عشرون أُوقية خرج بها ليطعم الناس يوم بدر فوقع القتال فلم يطعم وقال : احسبها من فدائى يا رسول الله ، فقال : لا أَترك لك شيئا خرجت تستعين به علينا ، ولم يعط عن عقيل ولا عن نوفل ، قيل : وقال أَيضا : فاد حليفك عتبة بن عمرو وكأَنه صلى الله عليه وسلم أَراد أَن يعذبهم لأَنهم لا مال لهم لصغرهم ، وله مال . وقيل : قال له : أعط عم عقيل عشرين أُوقية ، وقال : يا رسول الله ، تركتنى أَتكفف الناس ، فقال : فأَين الذهب الذى دفنت عند أَم الفضل ؟ وقلت : إِن مت فهو لك ولأَولادك عبد الله وعبيد الله وقثم ، وإِن رجعت أَر فيه رأيى ؟ قال : من أَخبرك ؟ قال : أَخبرنى ربى … فقال : أَشهد أَنك رسول الله ، قد كان ذلك فى جوف الليل ما سمعنا أَحد . ودخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو وأَبو بكر يبكيان . فقال : يا رسول الله أَخبرنى ، فإِن وجدت بكاء بكيت وإِلا تباكيت . فقال : ابك على أَصحابك فى أَخذهم الفداءَ ، ولقد عرض على عذابهم أَدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة - . وذكرهم بالعذاب لأَنهم الراضون بالفداءِ الآمرون به ، حيث استشارهم ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " لو نزل عذاب ما نجا منه إِلا عمر وسعد بن معاذ " يعنى أَنه حضر وقال كعمر ، أَو قال : الإِثخان أَحب إِلى ، وروى أَنه خيرهم أَن يأَخذوا الفداءَ فيقتل منهم سبعون فاختاروه وقتل منهم سبعون فى أُحد ، والآية دليل على أَن الأَنبياءَ يجتهدون ، إِلا أَنهم إِن أَخطأُوا أَخبرهم الله فيرجعوا إِلى الصواب ، وإِن قدر ما كان لأَصحاب نبى فلا دلالة أَن الآية تفيد أَن المجتهد يعاقب على خطئه ، والمروى أَن له أَجرا وله على إِصابته أَجران إِلى عشرة . الجواب أَن المراد " لولا كتاب من الله سبق " أَن لا عقاب على مجتهد .