Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-73)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بالله ورسوله ودينه { وَهَاجَرُوا } بلاد الشرك مكة وغيرها قبل فتح مكة { وجاهدوا } من كفر بالله { بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } الجهاد بالمال إِنفاقه فى شراءِ الخيل والحمولة وعلفها وما يحتاج إِليه … وفى السلاح وما يناسبه ، والإِنفاق على المحتاج فى الجهاد والقيام بأَهل المجاهدين … والجهاد بالنفس مباشرة القتال { فِى سَبِيلِ اللهِ } تنازعه هاجروا وجاهدوا ، لأَن المعنى هاجروا لأَجل الله لا لغرض دنيوى { وَالَّذِينَ آوَوْا } رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمهاجرين ، ضموهم إِلى أَنفسهم فيما لهم من منافع الدنيا والإِيمان ، وهم الأَنصار المؤثرون على أَنفسهم ، حتى أَنهم لينزلون عن أَزواجهم ومساكنهم لهم { وَنصَرُوا } نصروا النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . قال الله عز وجل { والذين تبوءُوا الدار والإِيمان } [ الحشر : 9 ] وهم الأَنصار المؤثرون على أَنفسهم ولو كان بهم خصاصة { أُولَئِكَ } المهاجرون والأَنصار { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعْضٍ } المهاجر ولى الأَنصارى والأَنصارى ولى المهاجرى ، والمهاجرى ولى المهاجرى ، والأَنصارى ولى الأَنصارى فى دين الله ونصره والموارثة ، ولو كانوا أَجانب فيرث المهاجرى الأَنصارى والعكس بالأُخوة فى الدين مع العقدة التى عقدها صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بينهم ، واستمروا على ذلك إِلى فتح مكة فكان الميراث بالنسب ، إِذ نسخت الهجرة ، وإِن كان للمهاجر قريب بالنسب مهاجر فهما يتوارثان ولا يجعل له أَخ من الأَنصار بالميراث ، { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا } بل بقوا فى بلد الشرك بلا إِذن منه صلى الله عليه وسلم فى البدو أَو فى الحضر { مَا لَكمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَىْءٍ } من ميراثهم ونصرتهم ومحبتهم أَيها المؤمنون ، ولو كانوا أَقرباءَ وعصبة لكم إِلا إِن قاتلهم مشرك لا عهد له فانصروا { حَتَّى يُهَاجِرُوا } بلاد الشرك ، ولاحظ لهم فى الغنيمة ولو جاهدوا معكم وإِن جاهدوا وحدهم فلهم ما غنموا أَو إِن هاجروا فهم مثلكم { وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ } طلبوا نصركم إِياهم فى شأن دين الله ، أَو لأَجل دين الله ، بأَن قاتلهم المشركون لإِيمانهم أَو لأَمر آخر ظلما فانصروهم عليهم كما قال { فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ } لهم على المشركين المقاتلين لهم { إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ } مشركين { بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ } عهد ، فخلوا بينهم وبين الذين آمنوا ولهم يهاجروا ، ولا تنقضوا الميثاق ، وسواء كان الميثاق عهد الحديبية أَو غيره ، ثم تبع ذلك بقوله تعالى { وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } [ الأَنفال : 75 ] فيرث بعد النسخ من آمن ولم يهاجر ، ويورث ويأخذ سهمه من الغنيمة إِن جاهد ، وتقاتلون من قاتلهم من المشركين وتنصرونهم عليهم ، ولو كان للمشركين ميثاق . وقيل لا نسخ ، وإِنما المراد الموالاة بالنصر ، ويعترض بذكر النصر فى قوله فعليكم النصر { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه خيانة من خان ولا صدق من صدق ولا الأَصدق من الصادق ، والأَخون من الخائن ، فهو يعلم الفضل للمهاجرين الأَولين ، وهم المراد فى قوله تعالى { إِن الذينَ آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسهم فى سبيل الله } قال هاجروا بصيغة المفاعلة للمبالغة إِذ تركوا بلادهم لله ما دام الحكم فيها لأَهل الشرك وقدم الجهاد بالأَموال لأَنه أَقوى سببية فى الجهاد ، إِذ لا يمكن الجهاد بدون المال ، ويمكن بدون الأَنفس بأَن يكون للمسلم عذر فى عدم الخروج للجهاد ويجهز غازيا بماله أَو يحمله على فرس أَو غير فرس أَو يعطيه السلاح ، قيل : ولأَن الجهاد بالمال أَكثر وقوعا ، ولأَنه الأَصل ، والعمدة والسبب ، ثم الهجرة لأَنها الإِيمان فى الواقع ثم المال لأَنه يهيأ للجهاد ، ثم يجاهد به . والمهاجرون الآخرون بالغوا فى الهجرة كالأَولين إِلا أَنهم دون الأَولين لتأَخرهم ولهم التوارث بالنسب وينصرون ولهم سهامهم فى الغنائم ، ولهم ما لكم وعليهم ما عليكم ، { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } يتوارثون بالنسب ولا توارث بينكم وبينهم ولا تنصروهم ولا تحبوهم ، وتجب مصارمتهم ولو أَقارب ، ولا يجاهدون معكم ، وإِن وقع جهاد فلاحظ لهم فى الغنيمة ، ولا يتركون أَن يجاهدوا مع المسلمين ، وقيل : المراد أَنهم بعضهم أَولياء بعض بالنصرة فى الباطل { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ } إِن لا تفعلوا ما ذكر من تولى المسلمين بعضهم بعضا ، وتواصلهم وتوارثهم ومصارمة الذين كفروا وحفظ الميثاق والإِرث والنصر { تَكُنْ فِتْنَةٌ } دائمة عامة ، ونكر تعظيما { فِى الأَرْضِ } أَرض مكة والمدينة وغيرهما ، ومكة ولو كان فيها فتنة إِلا أَنها تدوم إِذا لم تفعلوه وتعم ، وكذا غيرها مما فيه شرك ، ويجوز أَن يراد أَرض المدينة ، والفتنة ، ضعف الإِيمان وقوة الكفر { وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } بسائر المعاصى كالجور ومخالفة الأَحكام الشرعية .