Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-9)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ } بدل من إِذ لأَن الوعد والاستغاثة وقعا فى زمان متسع ، أَو مفعول لا ذكر مستأَنف ، لا متعلق بيحق لأَن وقت الاستغاثة قبل وقت إِحقاق الحق ، ويجاب بأَن المضارع ليس للمعنى ولا حكى الماضى به ليكون الأَمر كالمشاهد بل للاستقبال فهو مستقبل ، وإِذ كإِذ فى قوله تعالى : { فسوف يعلمون إِذ الأَغلال } [ غافر : 70 - 71 ] أَو إِحقاق الحق والاستغاثة به فى وقت واحد ، وإِنما عبر عن زمان الاستغاثة بإِذ نظراً إِلى زمان النزول واستقبال الاستحقاق إِنما هو باعتبار زمان ما هو غاية له من الفعل المقدر لا باعتبار زمان الاستغاثة { تَسْتَغِيثُونَ رَبَكُمْ } تطلبون منه الغوث لكم على المجرمين ، تقولون : يا رب انصرنا على عدوك ، يدعون بذلك فرادى ، أَو يدعو النبى صلى الله عليه وسلم ويؤمنون ، أو يراد النبى صلى الله عليه وسلم وجمع تعظيما له ، روى مسلم عن ابن عباس حدثنى عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر نظر صلى الله عليه وسلم إِلى المشركين وهم أَلف وأَصحابه ثلثمائة وبضعة عشر رجلا ، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه ، يقول : اللهم أَنجز لى ما وعدتنى ، اللهم إِن تهلك هذه العصابة من أَهل الإِسلام لا تعبد فى الأَرض ، فما زال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداؤه من منكبيه ، فرده أَبو بكر ثم التزمه من ورائه فقال : يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك ، سينجزك ما وعدك ربك ، فأَنزل الله عز وجل { إِذ تستغيثون ربكم } { فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ } فقتلوا سبعين وأَسروا سبعين ، " وروى أَنه صلى الله عليه وسلم نام فى العريش ثم انتبه فقال : يا أَبا بكر أَتاكم نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع " ولفظ البخارى : " هذا جبريل آخذ برأَس فرسه عليه أَداة الحرب " وعطف استجاب على تستغيثون دليل على أَن تستغيثون للماضى كإِذ ، لكنه بلفظ المضارع لحكاية الحال العجيبة الماضية لاستحضار صورتها العجيبة ، أَى إِذ استغثتم ربكم فاستجاب لكم بأَنى ممدكم زائدكم ومعينكم بخمسمائة من الملائكة نزل بها جبريل على فرسه حيزوم ، وقاتل بها ميمنة العسكر ، وربما كان فيها أَبو بكر ، وأَكثر مقامه مع النبى صلى الله عليه وسلم محافظة عليه ، وبخمسمائة نزل بها ميكائيل وقاتل بها وكانت ميسرة الجيش وفيها على ، ونزلت أَيضاً فى غير بدر لتكثير لا لقتال . وقيل : قاتلت أَيضاً فى حنين ، وفى الأَحزاب . وبعد نزول الأَلف زاد أَلفين ، كما فى آية خمسة آلاف وكلهم فى ثياب صوف على هيئة الرجال ، أَو الأَلف على المقدمة أَو الساقة ، أَو وجوههم وأَعيانهم أَو من قاتل منهم ، وقيل : لم يقاتلوا فى بدر ولا غيرها ، بل ثبتوا الذين آمنوا وكثروا السواد ، والصحيح أَنهم قاتلوا كما جاءَت أَحاديث أَن الصحابى يتبع الكافر فيرى رأسه مقطوعة ونحو ذلك ، وبسطت المسأَلة فى شرح النونية ، وكان الثواب للصحابة فى قتلهم وقتل الملائكة . روى أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخذ كفا من حصباءَ فرمى بها المشركين ، وقال : " شاهت الوجوه ، اللهم أَرعب قلوبهم ، وزلزل أَقدامهم " فانهزموا . فأَخذ المسلمون يقتلون ويأْسرون . وعن على : لما التقى الصفان جاءَت ريح لم أَر مثلها قط شدة ، وذهبت وجاءَت أَخرى مثلها وذهبت وجاءَت ثالثة فكانت الأَولى من جبريل فى أَلف من الملائكة عليهم السلام فكانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت الثانية ميكائيل فى أَلف من الملائكة عليهم السلام فكانوا فى ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أَبو بكر رضى الله عنه فى الميمنة ، وكانت الثالثة إِسرافيل فى أَلف من الملائكة عليهم السلام ونزلوا فى ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَنا فى الميسرة ، وجمعنا الغنائم وجعلناها ثلثمائة وسبعة عشر سهماً ، والرجال ثلاثمائة وثلاثة عشر راجلا ، والفارس رجلان له سهمان . وأَمر بحفر القليب فطرح القتلى فيه ، إِلا أَمية بن خلف فإِنه كان سميناً انتفخ من يومه وتزايل لحمه حين جروه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : اتركوه . فناداهم على القليب ، " يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا أَمية ابن خلف ، ويا أَبا جهل ابن هشام هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً . فإِنى و جدت ما وعدنى ربى حقاً . بئس القوم كنتم لنبيكم . كذبتمونى وصدقنى الناس ، وأَخرجتمونى وآوانى الناس . وقاتلتمونى ونصرنى الناس . فقال الصحابة : يا رسول الله ، أَتنادى قوماً قد ماتوا ؟ فقال : والذى نفس محمد بيده ما أَنتم بأَسمع ما أَقول منهم ، ولكن لا يجيبون " وبسطت ذلك فى شرح نونية المديح ، ومعنى مردفين ، أَن الله عز وجل أَردفهم على الخيل ، على فرس ملكان أَو جعلهم خلف المؤمنين أَو أَردفهم بالمؤمنين بأَن جعلهم قدام المؤمنين أَو أَتبع بعض الملائكة بعضاً .