Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 106-106)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ } الأَصل مرجيون بالياءِ لغة من قال أَرجاه بالأَلف يرجيه بالياء ، أَو أَصله مرجئُون بالهمزة لغة من قال أَرجأَه يرجئُه بالهمزة بعد الجيم حذفت تخفيفاً أو قلبت ياءً ، فحذفت الياءُ ، والإِرجاءَ التأْخير { لأَمْرِ اللهِ } إِلى أَمر الله أَو اللام للتعدية أَو التعليل أَخر الله أَمرهم لأَنهم لم يسارعوا إِلى التوبة كما سارع غيرهم عند رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك { إِمَّا يُعَذّبُهُمْ } بأَن لا يقبل توبتهم فيعذبهم { وإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } يوفقهم إِليها ، وهذا تردد مصروف إِلى العباد ، والله عالم بما قضى به فى الأَزل ، وهو أَنهم تابوا وأَنه يقبل توبتهم ، فذلك ترديد من الله للعباد لا تردد كما يذكر أَن تشكيكاً لهم ، ولعل وعسى ترجية لهم لا شكاً منه أَو ترجيا منه ، والناس ما بين قائِل لا تنزل لهم توبة وقائِل عسى أَن تنزل ، فهذا ترددهم ، وذلك أَنه تأَخر نزول توبتهم خمسين يوماً من حين يرجع صلى الله عليه وسلم من تبوك إِذ غاب خمسين يوماً . { وَاللهُ عَلِيمٌ } بخلقه وأَحوالهم { حَكِيمٌ } فيما يفعل ودخل هؤُلاءِ المرجون بالأَولى والذات أَو هم المراد وهم ثلاثة : مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال ابن أُمية بضم الهمزة ، تخلفوا كسلا وميلا إِلى الراحة لا نفاقاً ، ولم يعتذروا كغيرهم تمتعوا فى التخلف فشدد عليهم ، تابوا لما رجع من تبوك وعلم بتوبتهم ، وقيل اعتذروا ولم يبالغوا فى الاعتذار كما بالغ غيرهم ، وكانوا أَصحاب أَموال موسرين ، وروى أَنهم قالوا : نحن موسرون ، متى شئنا لحقنا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمادوا حتى يئِسوا من اللحوق فندموا ، ولكن لم يعتذروا بشدة كأَصحاب السوارى ، كأَنهم لم يطمعوا فى قبول التوبة ، وروى أَنه لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لكعب : اعتذر إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا والله حتى تنزل توبتى ، وكأَنه آيس من قبوله صلى الله عليه وسلم اعتذاره ، وأَما صاحباه فاعتذرا ، فقال : ما خلفكما عنى ؟ قالا : لا عذر لنا إِلا الخطيئة ، ونزلت الآية { وآخرون مرجون لأَمر الله } فنهى الناس عن مجالستهم والتكلم معهم ومن السلام عليهم ، وأَمرهم باعتزال نسائِهم وإِرسالهن إِلى أَهليهن ، فسأَلته امرأَة هلال أَن تأْتيه بطعامه لأَنه شيخ كبير وأَذن لها فى الطعام خاصة ، وجاءَ رجل من الشام بكتاب إِلى كعب يرغبونه فى اللحاق إِلى الشام ، وأَنه لم يخلقه الله بدار مهينة ، فسجر به التنور وقال : طمع المشركون فىّ لخطيئَتى ، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت وبكى هلال حتى غشى على بصره ، وقد أَخلصوا بنياتهم ونصحوا فى توبتهم فرحمهم الله بقوله : { وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا } [ التوبة : 118 ] إِلخ ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أَبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أُمك " ، وعن ابن بطال : شدد عليهم لأَن الجهاد فرض عين على أَهل المدينة ، لأَنهم بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتال ، وقيل : الآية فى قوم منافقين يعذبهم إِن أَصروا ويتوب عليهم إِن تابوا ، وهو مخالف لما فى الحديث .