Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ حَسِبْتُمْ } بل حسبتم ، أَو أَحسبتم أَو بل أَحسبتم ، والأَولى هنا كونه بمعنى : أَحسبتم بهمزة الإِنكار والتوبيخ فقط دون بل ، لأَن المحل ليس للإِضراب ، لا كما قيل أَنها بمعنى بل والهمزة ، والخطاب للمؤمنين إِذ كره بعضهم القتال ، وقيل : للمنافقين ، وقيل : للمؤمنين والمنافقين ، وعلى كل حال هو ترغيب فى الجهاد لأَنه يأْمرهم كما يأمر المؤمنين . قيل : ما بعد هذا لا يناسبهم وإِنما يناسب المؤمنين ، وإِنما كره بعض المؤمنين القتال كراهة طبع ، والمنافقون بالطبع والتكذيب ، والمؤمنون الكارهون يعالجون حب القتال دون المنافقين ، ثم ظهر أَنه لا مانع من كون أَمْ للإِضراب والإِنكار ، لأَن قوله : أَلا تقاتلون إِلخ ، قد يتضمن أَنهم كسلوا عن القتال فيكون هذا توبيخاً ثانيا أَضرب إِليه عن الأَول من قوله : أَلا تقاتلون ، علق الأَول بفعل الكفار ما فعلوا من النكث وما بعده ، والثانى بوجوب الإِخلاص { أَنْ تُتْرَكُوا } عن الأَمر بالقتال الذى سميتموه ، وعن الإِخلاص . والواو فى قوله { وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ } واو الحال ، وصاحب الحال هو واو تتركوا والربط بواو الحال وكاف منكم والواو فى قوله { وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } حالية من واو جاهدوا ، أَو عاطفة على جاهدوا أَى ولما يعلم الله الذين جمعوا بين الجهاد والإِخلاص عن اتخاذ البطانة من المشركين ، ومعنى لما يعلم إِلخ أَنه لم يكن جهاد وإِخلاص فضلا عن أَن يقال : إِن الله عالم بالمجاهدين المخلصين ، فإِن وصف الله بعلم ما لم يقع أَنه واقع كفر لأَنه جهالة مركبة ، فاللفظ نفى العلم والمراد نفى المعلوم وذلك نفى للملزوم وهو المعلوم بنفى اللازم وهو العلم ، فإِنه إِذا انتفى شئ لزم أَن الله غير عالم به لأَنه غير موجود ، لأَنه لا يصح أَن يقال ، علم الله شيئاً أَنه موجود وهو غير موجود ، فإِنه يلزم من قولك : لم يعلم الله كذا أَنه لم يقع كذا ، وفى الوجه الأَول نفى المعلوم ببرهان وهو انتفاء علمه به ، وإِيراد الشئ ببرهانه أَبلغ من إِيراده بلا برهان . فإِنه لو وجد القتال والإِخلاص لتعلق علمه به قطعا لأَن علمه تعالى يتعلق بالشئِ قبل وجوده وفى حال وجوده وبعد عدمه ، وقيل : العلم عبارة عن التبيين المسبب به ، فإِن العلم سبب لتبيينه وملزوم له لزوما بيانيا ، وكفر من قال : لا يعلم الله شيئا حتى يقع ، ومسوغ العطف على جاهدوا اجتماع انتفاء اتخاذ الوليجة مع ثبوت الجهاد فى سبيل الله فى الخيال ، ومن للتبعيض ، فإِن متخذى الوليجة بعض لا كل والخطاب فى حسبتم للمجموع ، وفى الآية تلويح بأَنه سيظهر الخلص من غيرهم ، كأَنه قيل : لما يظهر المخلصون ، والغالب أَن ما نفته لما سيقع أَو يترجح وقوعه ، والوليجة من تفشى إِليه سرك ، من الولوج وهو الدخول ، فهو من يداخلك فى أَمورك ، وقيل : من ليس أَهلا لذلك ، وأَدخل { واللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من جهاد بلا إِخلاص ، ومن جهاد مجاهد بإِخلاص ، والخطاب للكل ، ويجوز أَن يكون فى هذا ، وفى أحسبتم لغير المخلصين ، فيكون من فى قوله منكم للبيان ، وذكر الثلاثة بحرف النفى تلويحا بأَن كلا مستقل بالتحريم ، وتلويحا بزيادة قبح من اتخذ وليجة بأَنه قد اتخذها عن الله والرسول والمؤمنين ، فنهى الله أَن تتخذ عن واحد كما اتخذها هؤلاءِ عن الثلاثة ، وتلويحا بأَن من اتخذها عن المؤمنين فقد اتخذها عن الرسول ، ومن اتخذها عن الرسول فقد اتخذها عنهم ، ومن اتخذها عن الرسول فقد اتخذها عن الله ، ولا يخفى عنه شئ .