Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 18-18)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مسَاجِدَ اللهِ } المسجد الحرام ، أَو هو وغيره ، وذلك بالصلاة والقراءَة والعلم ، والتفريش بالحصير والحصباء والمصابيح وترك الكلام الدنيوى وما لم تبن له وغير ذلك مما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم … وعمارته بالمصابيح والحصير وما كان على عهده ، فالآية إِذن فى كل ما هو عمارة شرعية ، ومن ذلك تفريشه بما أَخرجت الأَرض كالحصر وثياب القطن ولا يجوز الصوف ، وكرهته الحنفية ، ومن عمارته إِخراج القمامة ، قال صلى الله عليه وسلم : " إِخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين " ، وقال : " من بنى لله مسجدا ولو كمساجد الطرق بنى الله له بيتا فى الجنة " وقال : " الغدو والرواح إِلى المسجد جهاد فى سبيل الله " وقال : " إِذا رأَيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإِيمان " ، وقرأَ الآية … وقال : " من أَسرج مصباحا فى المسجد لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام ضوءه " . { مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ } إِنما يليق بعمارتها من اتصف بتلك الصفات ، ويؤذن له شرعا ، وأَما المشركون فلا حتى يوحدوا الله عز وجل ، أَو إِنما تعتبر عمارة من اتصف بها ، وعمارة غيره كأَن لم تكن بل تخريب لم يأذن الله به ، وأَجازت الحنفية دخول المشرك المسجد ، وكرهته المالكية والحنابلة ، وحرمه أَصحابنا ، ولو أَوصى مشرك لمسجد لم تقبل وصيته عند الحنفية ، وتنفذ عندنا ، وباقى الصفات داخل فى قوله " من آمن بالله واليوم الآخر " لأَن الإِيمان به يستدعى ترك المحرمات وفعل الطاعات ، وخص الإِيمان باليوم الآخر بالذكر لأَن قريشا أَنكروا البعث وإِقام الصلاة وإِيتاءِ الزكاة لأَنهما من الأعمال البدنية ، ويشير بهما إِلى باقى الأَعمال ولأَنهما قد يراد بهما جميع العبادات ، ولم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأَن ذكر الله عز وجل يستتبعه حتى أنه يذكر حيث ذكر الله كما فى الأَذان والإِقامة والشهادة ، وأَيضا الصلاة تكون بالأَذان والإِقامة والتشهد ، ذكر له لأَنه صلى الله عليه وسلم يذكر فيهن ، وأيضا الصلاة والزكاة أَتى بهما صلى الله عليه وسلم ، فإِنما يتعلمان من جهته ، قال سلمان رضى الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من توضأَ فى بيته فأَحسن الوضوءَ ثم أَتى إِلى المسجد فهو زائر لله تعالى ، وحق على المزور أَن يكرم زائره " ، رواه الطبرانى ، ومن عمارته قراءَة القرآن فيه جماعة ، وهو أَفضل ما يعمر به ، وتعليم العلم والتعلم فيه ، ويطهر عن شعر الكذب والفحش ، ويجوز قراءَة دواوين الشعراءِ بقصد تعلم العربية لا بغناء ، وينبغى تجنب شعر الفحش إِلا بإِظهار تقبيحه وخفض الصوت به ، ولا إِشكال فى ذكر الزكاة فى مقام عمارة المساجد لأَن المراد بذكرها بيان أَن من لا يؤتيها لا تعتبر عمارته ، إِذ ترك ركنا من الإِسلام { فَعَسَى أُولَئِك أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ } إِلى الجنة ، ذكره بلفظ الترجى المصروف للخلق لأَنهم لا يدرون بم يختم لهم ، وزجرا لأَن يقطعوا بتحقيق أَعمالهم وتوحيدهم لإِمكان أَن يختل بما لم يتفطن له وقطعا لأَطماع المشركين عن كون ما هم عليه اهتداء ، وعن الانتفاع بأَعمالهم ، وزجرا للمؤمنين أَن يأمنوا مكر الله بأَعمالهم ، وقد كان حالهم عند الله دائرا بين عسى كهذه الآية ، ولعل كقوله تعالى : { لعلكم تفلحون } [ البقرة : 189 ] مع أَن مثلهما من الأَكابر جزم ، وجئَ بهما إِثباتا للخوف والرجاءِ .