Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 31-31)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِتَّخَذُوا } أَى اليهود والنصارى { أَحْبَارَهُمْ } علماءهم ، اتخذ اليهود أَحبارهم والنصارى أَحبارهم والمفرد حبر - بفتح الحاء وكسرها وإِسكان الباء وكسر الحاء - أنسب بالجمع ، والفتح جائز فى مفرده فيما قيل . ولعلهم استغنوا بجمع المكسور ، وإِلا فقياس المفتوح أَحبر - بضم الباء وإِسكان الحاء وفتح الهمزة - العالم حبر لأَنه يزين العلم ببيانه ، أَو لأَنه يفرح الخلق ، يقال : حَبَرهُ - بفتح الباء - يحبُره - بضمها ، بمعنى حسنه أَو فرحه ، ولا يسمى العالم فى العرب حبرا إِن كان من أَهل الكتاب مسلماً أَو مشركاً من نسل هارون . ومتى سمى العالم من غيرهم حبراً فتوسع . وأَصل المادة العموم ، والمراد فى الآية بالأَحبار علماء اليهود ، وقيل : العالم حبر ، ولو من هذه الأُمة . كما يسمون ابن عباس الحبر وحبر الأُمة { وَرُهْبَانَهُمْ } عبادهم وهو من الرهبة بمعنى الخوف وهو مختص بعباد النصارى فى العرف . كانوا لا يتزوجون ولا يأْكلون اللذات ، ويعتزلون ويشددون حتى أَن منهم من يخصى نفسه ، ويضع السلسلة فى عنقه . فقال صلى الله عليه وسلم لذلك : " لا رهبانية فى الإِسلام " ، وقال : " كلوا وتزوجوا وانفعوا الخلق وجاهدوا " جمعت اليهود والنصارى فى واو اتخذوا ، ورجعت أَحبارهم لليهود . ورهبانهم للنصارى على اللف والنشر المرتب باعتبار ذكر اليهود أَولا والنصارى ثانياً قبل ذلك . وأَما باعتبار الواو فلا ترتيب ولا لف . والهاء فى أَحبارهم وفى رهبانهم للنصارى ، ويجوز كون الهاءَين للجموع { أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ } غير الله استلحاقاً به ، فلم ينفعهم إِيمانهم به إِذ أَشركوا به غيره . أَو قوله من دون الله نفى له لأَن من جعل غيره إِلهاً فليس بمؤمن به ، لأَن الإِيمان به إِفراده جل وعز { والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } أَضافه إِلى أُمه تنبيهاً على شدة حمقهم فى قولهم أَنه إِله أَو ابن إِله عطف على رهبانهم أَو على أَحبارهم ، والعطف على رهبانهم ولو كان ثانياً ، والواو لا ترتب لأَن الرهبان والمسيح لملة واحدة … أَو يقدر : والمسيح ابن مريم إِلهاً أَو ربًّا عطفاً على معمولى عامل ، وكان عدى بن حاتم رضى الله عنه نصرانيا ، جاءَت به أخته من الشام هارباً إِليها . قال : أَتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى عنقى صليب من ذهب وهو يقرأ براءَة . فقال : " يا عدى اطرح هذا الوثن من عنقك فطرحته ، ثم انتهى إِلى قوله تعالى " اتخذوا أَحبارهم ورهبانهم أَرباباً من دون الله والمسيح بن مريم " فقال : إِنا لسنا نعبدهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : أَليسوا يحرمون ما أَحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتحلونه . فقلت : بلى . قال : ذلك عبادتهم " حاجة النبى صلى الله عليه وسلم بما لا محيد عنه قطعاً للحجة بمرة ، وإِفادة بأَن تحليل ما حرم وتحريم ما أَحل شرك به ، ومن بالغ فى اتباع غيره يقال : عبده ، وجعله إِلهه ، استعارة لشبه ذلك الاتباع البليغ بالعبادة ، وأَطلق العبادة وهى مخصوصة باتباع مخصوص على مطلق الاتباع الشديد على التجوز الإِرسالى ، وإلا فقد صح فى أَخبار السير وغيرها أَنهم يسجدون لهم ، وقد مر أَن نسطور وأَتباعه قالوا : عيسى إِله ، ومريم إِله ، والله إِله ، فلعيسى ومريم لاهوتية وناسوتية ، وإِن ملكان وأَتباعه قالوا أَن عيسى هو الله ، ومر أَن منهم - لعنهم الله تعالى - من قال عيسى ابن الله وليس بشراً ، والحاصل أَن للنصارى - لعنهم الله - إِلهاً يأْكل ويشرب ويخرأَ أَو يبول ، تعالى الله عن صفات الخلق ، وإٍسقاط أَلف ابن بين علمين ثانيهما تابع لأَولهما قاعدة فى غير القرآن ، فلا يقال : انظر ، لم ثبت الأَلف فى ابن هنا مع اَنه صفة بين علمين ، والمسيح لقب وهو علم { وَمَا أُمِرُوا } فى كتب الله والواو للحال { إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهًا وَاحِدًا } أَى ما أمروا بتوحيد الله إِلا ليعبدوا إِلها واحداً . ولما كان جائزاً فى الجهالة أَن تكون آلهة متعددة فإِن ظاهر قوله " إِلا ليعبدوا إِلهاً واحداً " ليس نفياً لتعدد الآلهة ، بل نفى لأَن يعبد أَكثر من واحد ، و { لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } تقرير لقوله " إِلا ليعبدوا إِلها واحداً " بمعنى أَن مضمون ليعبدوا إِلهاً واحداً هو انفراد الإله ، إِذ لا معنى لوجود إِله لا يعبد ، والجملة مستأنفة ، أَو نعت لإِلها ، أَى إِلهاً منتفى التعدد ، والواو فى أمروا عائدة إِلى الأَحبار والرهبان ، والمعنى أَنهم يعبدون ناساً مأْمورين إِفراد الله بالعبادة والألوهية ، فكيف تجعلون رباً من هو مربوب ومعبوداً من هو عابد . وهذا نفى للتعدد بطريق البرهان فهو أَولى من رجوع الواو إِلى هؤلاء الناس وعابديهم ، أَو إِلى عابدهم على معنى : كيف تعبدون عيسى وعزيراً ونحوهما ، مع أَن عيسى وعزيراً ونحوهما ما أمروا إِلا ليعبدوا الله وحده ، وأَما طاعة رسل الله ونحوهم ممن أَمرنا بطاعته ولو زوجاً لزوجها فمعناها طاعة الله فى أَداء واجبهم { سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أَمر بتنزيهه عن الإِشراك ، أَو إ ِخبار بأَنه تعالى نزه نفسه عن إِشراكهم ، أَى سبحت نفسى تسبيحاً ، وما مصدرية كما رأَيت ، ويجوز أَن تكون اسماً ، أَى سبحانه عما يشركونه به من الأَحبار والرهبان والمسيح ، ولفظ الإِشراك حرام ولو بلا قصد إِشراك إِجماعاً إِلا حكاية أَو اضطراراً لأَنه موهم ، وذلك من الإِلحاد فى أَسمائه كما قال بعض العلماء : إِن الله حكم بشرك من قال : عزير ابن الله ، أَو قال : المسيح ابن الله ، ولو لم ينو حقيقة البنوة بناءً على أَن لفظ الإِشراك إِشراك ولو لم ينو ، كما أَن نيته شرك بلا لفظ ، أَو مع لفظ . على أَن من العلماء من لا يجيز للمضطر أَن يلفظ بالشرك ولو اطمأَن قلبه بالإِيمان ، إِلا بتأْويل لفظ بمعرضه ، أَو إِسرار شئ ينقضه وذلك حسم لمادة الشرك ، وقد أَجاز بعض تسمية الله تعالى على الإِضافة ، كفارش الأَرض وداحيها لورود فرشناها ودحاها ، فلا يسمى الله بابه إِجماعاً ، ولو بلا قصد حقيقة الأَبوة وقيل : لا يشرك بلا قصد ، وأَجمعوا أَنه ينهى عن ذلك . قيل : @ إِذا كنت فى الفردوس جارا لبربر فلازمك الرحيل عنها إِلى سقر يقولـون للرحمـن بابـه بجهلهـم ومن قال للرحمن بابه فقد كفر @@ وأَجابه مغربى :