Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 46-46)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ } معك إلى الجهاد { لأَعَدُّوا } هيئوا { لَهُ } للخروج { عُدَّة } وخرجوا ، والعدة المئونة ، أَى مئونة تليق به من سلاح ومركوب وزاد ونحو ذلك { وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ } هذا الاستدارك متعلق بقوله { لأَعَدُّوا } باعتبار إِثباته بإثبات إِرادة الخروج لو ثبتت ، أَى لو أَرادوه وأَعدوها لخرجوا فى زعمهم ، لكن لا يخرجون فى قضاءِ الله ، وكراهة الله انبعاثهم سبب ولمزوم لعدم خروجهم أَو متعلق بقوله لو أَرادوا الخروج ، أَى لكن ما أَرادوه ، فعبر عن قوله لكن ما أَرادوا بقوله ولكن كره الله ، لأَن كراهته سبب وملزوم لعدم إِرادتهم ، أَو المعنى ما تركوا العدة بأَنفسهم تحقيقا بل لخذلان الله تعالى وكراهته ، فلم تقع لكن بين متفقين فإِنها لا تقع بينهما ، بل بين ضدين أَو نقيضين أَو مختلفين ، والانبعاث انبعاث عن بعث النبى صلى الله عليه وسلم لهم ، أَى ولكن كره الله توفيقهم إِلى المطاوعة { فَثَبَّطَهُمْ } حبسهم عن الخروج بالجبن والركون إِلى الراحة والتخويف من شدة قتال الروم ، وذلك خذلان لا إِجبار ، ويجوز أَن يكون محط الاستدراك هو قوله { فثبطهم } أَى لأَعدوا له عدة ، ولكن ثبطهم عن الإِعداد بخذلانهم عن إِرادة الخروج ، وذلك كما يفيد الخبر بتابعه نحو زيد رجل صالح ، وأَيضا وكأَنه قيل ما خرجوا أَو ما أَعدوا لكن ثبطوا كما تقول : ما قام زيد لكن قعد ، وما أَحسن زيد لكن أَسَاءَ ، واتفاق ما بعد لكن وما قبلها جائز إِذا اختلفا نفيا وإِثباتا ، وانتفاءُ إِرادة الخروج يستلزم انتفاءَ خروجهم وكراهة الله انبعاثهم تستلزم تثبطهم عن الخروج ، وأَيضا أَنت خبير بأَن قضاءَ الله لا يرد ، وقد قضى أَن لا يريدوا ، فكراهته نفى لإِرادتهم ونائبة عنه ، فكأَنه قيل : ولو أَرادوا الخروج لأَعدوا له عدة ولكن ما أَرادوا لأَن الله كره انبعاثهم ، لما فيه من المفاسد ، وإِنما عاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على إِذنه فى التخلف لهم مع أَن خروجهم مفسدة ، لأَنه مكلف بالظاهر ولا يدرى غيب مفسدتهم وهى الخبال والضياع بالنميمة وإِظهار العدو على الأَسرار ، ولأَنه أَذن لهم بلا إِذن من الله عز وجل { وَقِيلَ } أَى قال بعضهم لبعض أَو قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أَو قال لهم الله بالخذلان ، أَى قدر عدم الخروج أَو قال الشيطان { اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ } من الصبيان والمجانين والبله والنساءِ والمرضى والهرمى ، أَو ذلك قول من الله أمر توبيخ كقوله تعالى { ومن شاءَ فليكفر } [ الكهف : 29 ] وقوله { اعملوا ما شئْتم } [ فصلت : 40 ] ولا ضعف فى قولك أَراد الله عدم خروجهم فقضى على رسوله أَن يأْذن لهم ، أَو سلط عليهم الشيطان فوسوس لهم ، والقاعدون هم من جاز له القعود ، وأَمَّا من لم يجز لهم فهم هؤلاءِ المنافقون الذين تخلفوا ، وفى القاعدين نقص مع أَنه أُبيح لهم ، ولكن لا مؤاخذة ولنقصهم ذم المنافقين المتخلفين بمعصيتهم .