Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 61-61)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِىَّ } بكلام السوءِ كالجلاس بن عمرو ( بالضم والتخفيف ) ووديعة بن ثابت أَخو أُمية بن زيد بن عمرو بن عوف ، وقيل الجلاس بن سويد بن صامت . ورفاعة بن عبد المنذر ونبتل بن الحرث ، وكان آدم أحمر العينين أَسفع الخدين مشوه الخلقة نماما عنه صلى الله عليه وسلم إِلى المنافقين . قال صلى الله عليه وسلم : " من أَراد أَن ينظر إِلى الشيطان فلينظر إِلى نبتل بن الحرث " ، يؤذونه صلى الله عليه وسلم بما يكره من القول مثل أَن يقولوا : يعطى قريشا ويتركنا ولو لم يفعل أَو فعل لحكمة أَو جاءَ هو وأَصحابه فغزوا بنا ولا يعرف لنا حقا ، وهم كاذبون ، وكقول وديعة بن ثابت : إِن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير ، ولما قال هذا قال له عامر بن قيس وهو غلام : والله إِنه لصادق وأَنت شر من حمارك ، فأَخبر الغلام بذلك ، فقالوا : لم نقل ، إِنه غلام لم يعرف ما يقول . فجعل الغلام يبتهل : اللهم صدق الصادق وكذب الكاذب ، فنزلت الآية ، ومن ذلك قولهم : سمن كلبك يأْكلك . بمعنى أَنهم قاموا به صلى الله عليه وسلم ، فرجع عليهم ، وقولهم : لو كان نبيا لعلم أَين ناقته ، فإِذا قال بعضهم لبعض لا تقولوا فإِنه يصله الخبر فيقع بنا الجلاس ( بالجيم ) وقيل نبتل أَو غيره : نقول ما شئنا فنحلف بالله وننكر القول فيصدقنا ، فإِنه يقبل إِنكارنا ويصدق لقلة رأْيه أَو كثرة كرمه واحتماله كما قال الله عز وجل { وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } كثير السماع أَى القبول لاعتذار المعتذر ، ولو كان المعتذر كاذباً حتى كأَنه نفس الأُذن ، كما يسمى الجاسوس عينا لكثرة مراقبته بعينه ، نكذب ونعتذر ويقبل اعتذارنا ، خاف بعض المنافقين أَن يخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما يقولون فيعاقبهم ، فأَجابه الباقون بأَنه أُذن يقبل اعتذارنا ولو كذبنا فيه ، يقال قالوا هو أَذن سامعة من إِطلاق اسم الجارحة على صاحبها لكثرة فعله بها ، لكن المراد هنا القبول وفى هذا نكتة زائدة على مطلق تسمية الكل باسم الجزء ، وقيل شبه بالأُذن فى أَنه ما فيه تمييز بين الحق والباطل ، بل سمع فقط ما يليق وما لا يليق ، وقدر بعضهم مضافا أَى ذو أُذن ويجوز أَن يكون أُذن مصدر أَذن ( بفتح الهمزة وكسر الذال ) أِى سمع وكأَنه نفس السماع { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ } أَى هو أَى النبى ، أَى أَنا أُذن خير لكم يسمع الوحى لكم وهو منفعة لكم ، ويصدق المؤمنين المخلصين ، أَو الإِضافة بمعنى فى ، أَى أُذن فى الحير ولوح بأَن المنافقين أُذن شر يسمعون كلام الله تعالى وكلام المؤمنين ، ويكذبون بما سمعوا ، ويدل على معنى فى قراءَة حمزة بجر رحمة فإِنه لا معنى لها سوى أَنه أُذن فى الرحمة كذا قيل ، ويبحث بجواز أَنه أُذن رحمة على حكايتها عن الله عز وجل أَثبت الله أَنه أُذن خير لا على ما قالوا مجرد كرم أَو قلة رأْى وتجربة ، فذلك قول بالموجب ، وهو حمل لفظ على خلاف مراد لافظه كبيت البديع : @ قلت ثقَّلت إِذ أَتيت مراراً قال ثقَّلت كاهلى بالأَيادى @@ وقول القبعثرى : مثلك يحمل على الأَدهم والأَشهب . أَراد الفرس لما قال له الحجاج : لأَحملنك على الأَدهم ، أَى القيد من الحديد . وقال : ويلك أَردت الحديد . فقال : مثلك يحمل على الحديد والبليد ، وبين ذلك بقوله { يُؤْمِنُ } يصدق { بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } يذعن ويسلم ( بضم الياء وفتح السين وكسر اللام مشدداً ) كقوله تعالى { أنؤمن لك } [ الشعراء : 111 ] وقوله { ءَامنتم له قبل أن ءَاذن لكم } [ الشعراء : 49 ] أَى يذعن لما قال المؤمنون بالتصديق ، وأَما قبوله عذركم فاحتمال ومعاملة بالحسنى لكم ، واللام للتعدية ولا وجه لكونها زائدة سوى أَنها زيدت على يؤمن الأول بمعنى أَنها ليست فيه وإِضافة الأُذن للخير لأَن السماع بالخير يكون بالأُذن ، أَو من إِضافة الموصوف إِلى الصفة كقولك رجل عدل ، إِذا أَضفت رجلا للعدل وأَردت بالعدل الوصف لا المصدر . { وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ } عطف على أُذن أَى هو رحمة لمن أَظهر الإِيمان يأْخذ بظاهر قوله ولا يفتش عن سره ولو كان كاذباً ، لرفقه بهم لعلهم يخلصون الإِيمان ، ومن للبيان والمراد ورحمة لكم أَو للتبعيض العام لهم كلهم على سبيل البدلية ، وسمى حالهم إِيمانا مجاراة لهم ، إِذ زعموا أَنهم آمنوا أَو المراد أَظهروا الإِيمان ، وقيل المراد المخلصون على أَن من للتبعيض بمعنى أَن المنافقين يزعمون أَنهم مؤمنون ولا يتبادر هذا . { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ } بأَلسنتهم كغيرها { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } لإيذائهم إِياه مع إِحسانه إِليهم بالستر لهم وبتبليغ الوحى ، وقد يؤذى صلى الله عليه وسلم بمخالفة الكتاب أو السنة وبإِيذاء أَهل بيته بما لم يفعلوا ومجاوزة الحد فيما فعلوا .