Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 69-69)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } أَى أَنتم أَيها المنافقون والمنافقات والكفار كالذين من قبلكم ، أَو فعلتم كفعل الذين من قبلكم على طريق الالتفات من الغيبة إِلى الخطاب ، أَى أَشبهتم من قبلكم فى الأَمر بالمنكر والنهى عن المعروف والشح كما قال { كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمِعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِى خَاضُوا } لا إِنه زاد فى المشبه به بيان أَنه أَشد قوة وأَكثر مالا وولدا ، وصرح بالخوض فى التشبيه مراعاة لقوله : { إِنما كنا نخوض ونلعب } [ التوبة : 65 ] وذلك لبعد ذكره ، ويجوز أَن يكون محط التشبيه هو قوله : { فاستمتعوا } وقوله { وخضتم } كقولك أَنت كزيد يقتل الأَعداءَ وتقلتهم وتجود كما يجود ، والمراد بالقوة قوة الأَبدان والاستمتاع التمتع العظيم ، فالاستفعال هنا للمبالغة لأَن أَصله العلاج والطلب وخلاقهم نصيبهم من ملاذ الدنيا من الخلق بمعنى التقدير ، فإِن نصيب كل أَحد مقدر له ، والآية ذم لهم باتخاذهم طريق من اختار الدنيا وركن إِليها عن الآخرة . ذكر بعض أَن قوله كما استمتع الذين من قبلكم مغن عن قوله { فاستمتعوا } وإِنما ذكر الأَول والثانى معاً للتأْكيد ، ولبيان أَن محط التشبيه الاستمتاع ، ثم زيد بيان بقوله كما إِلخ … وفى هذا إِشارة إِلى أَن الأَصل وخاضوا وخضتم كالذى خاضوا كما فى قبله ، فالأَصل استمتعم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم دون ذكر بخلاقهم وبإِسقاط فاء فاستمتعتم ، وكذلك أَظهر الذين للتأكيد والأَصل كما استمتعوا بخلاقهم كما استمتعوا به بالإِضمار للخلاق ، ولا مانع من أَن يقال بأَن يكفى الأَول عن الثانى وجمع تأَكيدا ، ثم إِن الفاءَ فى قوله فاستمتعوا ظاهرة السببية دون إِلغاءِ فى قوله فاستمتعتم بخلاقكم ، لأَن كون من قبلهم أَقوى وأَكثر أَموالا وأَولادا لا يكون سبباً للاستمتاع من بعدهم ، فالثانية إِما بمعنى الواو ، أَو لمجرد الترتيب الذكرى ، وهذا لا يتم لأَن ما عطف على المسبب يكون مسبباً ، وإِما للسببية باعتبار أَن لهم أَموالا وأَولادا وقوة ، ولو كانت لمن قبلهم أَقوى وأَكثر ، فكانت قواهم وأَموالهم وأَولادهم سببا للاستمتاع لهم ، كما للذين من قبلهم ، وقد يقال بالسببية فى الثانية بلا تقدير على معنى اقترائهم فى الاستمتاع بالأَولين ، والآية تنبيه على أَنه عوقب من هو أَشد وأَكثر منهم . فكيف هم والأَمر فى قدرة الله سواءٌ ، والمراد بالخوض الخوض فى الباطل ، والذى واقع على الفريق باعتبار لفظه ، وجمع فى خاضوا لاعتبار معناه ، والرابط الواو ، أَو على الخوض فالرابط ضمير هو مفعول مطلق محذوف ، أَى وخضتم كالخوض الذى خاضوه فلا تهم أَن الهاءَ مفعول به ولا أَن التقدير فيه وإِنما هى كهاءِ قولك القيام قمته ، وذلك أَولى من أَن يقال الأَصل كالذين حذفت النون تخفيفاً ، وأَولى من أَن يقال الذى حرف مصدر ، أَى خوض كخوضهم { أُولَئِكَ } الخطاب له صلى الله عليه وسلم أَو لكل من يصلح { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } الإِشارة إِلى المشبهين الآخرين والمشبه بهم الذين من قبلهم ، وقيل إِلى المشبه بهم ، فيكون حكم المشبهين مفهوماً ضمنا وفيه أَن الأَنسب حينئذ أَن يقال أُولئك . والمراد بالأَعمال ما يثابون عليه لو أَسلموا من الصدقة ومكارم الأَخلاق . { فِى الدُّنْيَا } لم تنفعهم فى الدنيا إِذ لا تمنعهم من الذم والخزى والقتل والسبى فيمن يقتل ويسبى ، وأَما ما أُعطوا من الخير الدنيوى ، فإِما استدراج لهم وإِما ثواب لهم ، فقد بطلت فى الدنيا ولم يوافوا بها الآخرة { وَالآخِرَةِ } لا يثابون عليها فيها لكفرهم { وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } لم يستفيدوا من أَبدانهم وما أَعطاهم الله فى الدنيا فائدة فى الآخرة بل زادوا بذلك عذابا فخسروا دنياهم وأُخراهم ، والحصر بالنسبة للمؤمنين ، أَى إِنما خسروا هم لا المؤمنون ، أَو النظر لما فى الدنيا وأَما غيرهم فلم يخسر فى الدنيا خسرانهم ، ولو خسر فى الآخرة ، أَو الحصر للكمال أَى الكاملون فى الخسران والمؤمنون لا خسران لهم أَلبتة ، وخسران غيرهم دون خسران هؤلاءِ .