Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 8-8)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَيْفَ } يكون لهم عهد إِلخ … أَو كيف يثبتون على العهد ، أَو يبقيه لهم الله ، والحال أَنه إِن يظهروا عليكم ، الآية ، فذلك تكرير للإِنكار ، وتنبيه على أَن فى قلوبهم غيظا عليكم وقصداً لإِهلاككم ، فحذف الفعل للعلم به كقول كعب الغنوى من قصيدته التى يرثى بها أَخاه أَبا المغوار التى منها : لعل أَبا المغوار منك قريب ، ما نصه : @ وخبرتمانى إِنما الموت بالقرى فكيف وهاتا هضبة وقليب @@ ويروى : هضبة وكليب . أَى فكيف مات أَخى أَبو المغوار فى البدو ، وحيث الجبل المنبسط والبير التى لم تطو ، أَو التل من الرمل وأَنتما تقولان إِنما الموت فى القرى بالوباء أَو الطاعون ، وقيل الهضبة والقليب جبلان ، وعلى كل هما فى البدو والصحيح كثيب بدل قريب لأَن قبل البيت : @ لعمر كما إِن البعيد الذى مضى وإِن الذى يأْتى غدا لقريب @@ وأَراد بعد مطلق يوم بعد يومك ، ولو كان بعد أَيام أَو سنين ويجوز أَن يقدر كيف لا تقتلونهم ولا تأْخذونهم ولا تصحرونهم ولا تقعدوا لهم كل مرصد ، والحال ما ذكره الله عز وجل بقوله { وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } يعلوا عليكم بالغلبة والظفر بكم { لاَ يَرْقُبُوا } لا يراعوا { فِيكُمْ إِلاًّ } يميناً بأَنا لا نضركم ، وفسر الإِل بالميثاق وما صدق ذلك واحد ، والقربة ، وهو مروى عن ابن عباس قال حسان ابن ثابت : @ لعمرك إِن إِلَّكَ من قريش كإِل السقب من رأَل النعام @@ وبالله على أَنه من أَسماء الإِل وبالربوبية وبالتربية وباللمعان ، وكل منهما لا يخلو من معنى الظهور ، وبرفع الصوت الواقع منهم حين الخلف عهداً ، وبالظهور والقوة وبالأَمان على أَنه لفظ عبرى ، وبالحدة ، وفى اليمين حدة على الوفاء ، وكذا القرابة فيها حدة على المحافظة ، والأَول أَولى ، ويناسب التفسير بالله قراءَة إِيلا كجبرائيل وإِسرافيل وعزرائيل وميكائيل ، ولما قرئ على الصديق رضى الله عنه كلام مسيلمة لعنه الله قال : إِنه كلام لم يخرج من إِل ، أَى من إِله ، وقيل : هو العهد ، والعطف تفسير والأَصل التأسيس { وَلاَ ذِمَّةً } عهد إِلا إِنه يذم على إِضاعته وكل ما يذم على إِضاعته فهو ذمة ، وفسر أَبو عبدة وابن زيد والسدى إِلاًّ بعهد ، فيكون الذمة بمعنى العهد معطوفاً للتأْكيد كما هو وجه فى قوله { صلوات من ربهم ورحمة } [ البقرة : 157 ] وفى قوله { بثى وحزنى } [ يوسف : 86 ] وقيل : الذمة : الضمان ، ومن ذلك فلان فى ذمتى أَى فى ضمانى ، وأَهل الذمة لأَنهم فى ضمان المسلمين بالحفظ لهم ، ولا يحسن التفسير به ، لأَن قريشاً ليسوا فى ذمة المسلمين ، ولا المسلمون فى ذمتهم اللهم إِلا بمراعاة العهود ، أَو الذمة الأَمان كقوله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أَدناهم " أَى أَمانهم ، فإِذا أَعطى العبد أَماناً لكافر ثبت ، وكذا إِن أَعطته المرأَة أَو الطفل ، وقد أَجاز عمر أَمان العبد الكافر ، وقدمه على جميع العسكر ، فيكون تأْكيدا لإِلاًّ إِذا فسر إِلاَّ بأَمان ، أَو الذمة كل حق يعاب على تركه { يُرْضُونكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ } إِذا لم يظهروا عليكم ، وما قبل هذا فى ظهورهم وهذا فى عدمه فهم مشركون من قريش ينافقون إِذا خافوا بإِلانة القول وباليمين الفاجرة فيخدعون المؤمنين والمؤمن غر كريم والكافر خب لئيم { وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ } تمتنع قلوبهم من الوفاء أَشد الامتناع ، وإِنما يستعمل أَبى فى الامتناع الشديد لا فى الامتناع مطلقا ، فكل إِباء امتناع ولا عكس بالمعنى اللغوى ، والجملة الأُولى مستأْنفة لا حال من واو يرقبوا لأَنهم فى حالة انتفاء رقوبهم لا يرضون المسلمين ، بل يضرونهم غاية ما قدروا ، ولأَن المراد إِثبات إِرضائهم المؤمنين بالعهد ، أَو بوعد الإِيمان { وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } أَى كلهم ، والمراد الأَشقياء ، وصح الكلام فيهم وإِن أَريد ذم فعلهم من شقى ومن سعد فأَكثر على ظاهره ، وذم الفعل إِذا صدر من سعيد ليس براءَة له من الله عز وجل فهو فى ولاية الله إِلا ذم فعله ولا بد ، أَو تحرز بأَكثر عن بعض المشركين الذين يبعدون عن نقض العهد لدنس النقض ولمروءَتهم ، فالفسق على هذا خصوص الخروج عن العهد ، فمن المشركين من لم يفسق بالعهد أَى لم يخرج عنه .