Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 30-30)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُنَالِكَ } أي في ذلك المقام الدحض والمكان الدهش وهو مقام الحشر فهنالك باق على أصله وهو الظرفية المكانية ، وقيل : إنه استعمل ظرف زمان مجازاً أي في ذلك الوقت { تَبْلُواْ } أي تختبر { كُلُّ نَفْسٍ } مؤمنة كانت أو كافرة { مَّآ أَسْلَفَتْ } من العمل فتعاين نفعه وضره أتم معاينة . وقرأ حمزة والكسائي { تتلو } من التلاوة بمعنى القراءة ، والمراد قراءة صحف ما أسلفت ، وقيل : إن ذلك كناية عن ظهور الأعمال . وجوز أن يكون من التلو على معنى أن العمل يتجسم ويظهر فيتبعه صاحبه حتى يرد به الجنة أو النار أو هو تمثيل . وقرأ عاصم في رواية عنه { نبلو } بالباء الموحدة والنون ونصب { كُلَّ } على أن فاعل نبلو ضميره تعالى و { كُلَّ } مفعوله و { مَا } بدل منه بدل إشتمال ، والكلام استعارة تمثيلية أي هنالك نعامل كل نفس معاملة من يبلوها ويتعرف أحوالها من السعادة والشقاوة باختبار ما أسلفت من العمل ، ويجوز أن يراد نصيب بالبلاء أي العذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر فتكون ( ما ) منصوبة بنزع الخافض وهو الباء السببية . { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ } عطف على { فَزَيَّلْنَا } [ يونس : 28 ] والضمير { لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [ يونس : 28 ] وما في البين اعتراض في أثناء الحكاية مقرر لمضمونها ، والمعنى ردوا إلى جزائه وعقابه أو إلى موضع ذلك ، فالرد إما معنوي أو حسي . وقال الإمام : المعنى جعلوا ملجئين إلى الإقرار بألوهيته سبحانه وتعالى { مَوْلَـٰهُمُ } أي ربهم { ٱلْحَقّ } أي المتحقق الصادق في ربوبيته لا ما اتخذوه / رباً باطلاً . وقرىء { الحق } بالنصب على المدح ، والمراد به الله تعالى وهو من أسمائه سبحانه أو على المصدر المؤكد والمراد به ما يقابل الباطل ، ولا منافاة بين هذه الآية وقوله سبحانه : { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] لاختلاف معنى المولى فيهما . وأخرج أبو الشيخ عن السدي أن الأولى منسوخة بالثانية ولا يخفى ما فيه . { وَضَلَّ } أي ضاع وذهب { عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من أن آلهتهم تشفع لهم أو ما كانوا يدعون أنها شركاء لله عز وجل ، و { مَا } يحتمل أن تكون موصولة وأن تكون مصدرية والجملة معطوفة على قوله سبحانه : { رُدُّواْ } ومن الناس من جعلها عطفاً على { زَيَّلْنَا } [ يونس : 28 ] وجملة { رُدُّوْا } معطوفة على جملة { تَبْلُواْ } الخ داخلة في الاعتراض وضمير الجمع للنفوس المدلول عليها بكل نفس ، والعدول إلى الماضي للدلالة على التحقق والتقرر ، وإيثار صيغة الجمع للإيذان بأن ردهم إليه سبحانه يكون على طريق الاجتماع وما ذكرناه أولى لفظاً ومعنى . وتعقب شيخ الإسلام جعل الضمير للنفوس وعطف { رُدُّواْ } على { تَبْلُواْ } الخ بأنه لا يلائمه التعرض لوصف الحقية في قوله سبحانه : { مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } فإنه للتعريض بالمردودين ثم قال : ولئن اكتفى فيه بالتعريض ببعضهم أو حمل { ٱلْحَقّ } على معنى العدل في الثواب والعقاب أي مع تفسير المولى بمتولي الأمور فقوله سبحانه : { وَضَلَّ } الخ مما لا مجال فيه للتدارك قطعاً فإن ما فيه من الضمائر الثلاثة للمشركين فيلزم التفكيك حتماً ، وتخصيص كل نفس بالنفوس المشركة مع عموم البلوي للكل يأباه مقام تهويل المقام انتهى ، والظاهر أنه اعتبر عطف { وَضَلَّ عَنْهُم } الخ على { رُدُّواْ } مع رجوع ضميره للنفوس وهو غير ما ذكرناه فلا تغفل .