Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 81-81)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱرْجِعُواْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ } له { يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ } الظاهر أن هذا القول من تتمة كلام كبيرهم وقيل : هو من كلام يوسف عليه السلام وفيه بعد كما أن الظاهر أنهم أرادوا أنه سرق في نفس الأمر . { وَمَا شَهِدْنَا } عليه { إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا } من سرقته وتبقيناه حيث استخرج صواع الملك من رحله . { وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَـٰفِظِينَ } وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الميثاق أو ما علمنا أنك ستصاب به كما أصبت بيوسف . وقرأ الضحاك { سارق } باسم الفاعل . وقرأ ابن عباس وأبو رزين والكسائي في رواية { سرق } بتشديد الراء مبنياً للمفعول أي نسب إلى السرقة فمعنى { وَمَا شَهِدْنَا } الخ وما شهدنا إلا بقدر ما علمنا من التسريق وما كنا للأمر الخفي بحافظين أسرق بالصحة أم دس الصواع في رحله ولم يشعر . واستحسنت هذه القراءة لما فيها من التنزيه كذا قالوا ، والظاهر أن القول باستفادة اليقين من استخراج الصواع من رحله مما لا يصح فكيف يوجب اليقين ، واحتمال أنه دس فيه من غير شعور قائم جعل مجرد وجود الشيء في يد المدعى عليه بعد إنكاره موجباً للسرق في شرعهم أولاً ، قيل : فالوجه أن الظن البين قائم مقام العلم ، ألا ترى أن الشهادة تجوز بناء على الاستصحاب ويسمى علماً كقوله تعالى : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَـٰتٍ } [ الممتحنة : 10 ] وإنما جزموا بذلك لبعد الاحتمالات المعارضة عندهم ، وإذا جعل الحكم بالسرقة وكذا علمهم أيضاً مبنياً على ما شاهدوا من ظاهر الأمر اتحدت القراءتان ويفسر { وَمَا كُنَّا } الخ بما فسر به على القراءة الأخيرة ، وقيل : معنى { مَا شَهِدْنَا } الخ ما كانت شهادتنا في عمرنا على شيء إلا بما علمنا وليست هذه شهادة منا إنما هي خبر عن صنيع ابنك بزعمهم { وَمَا كُنَّا } الخ كما هو وهو ذهاب أيضاً إلى أنهم غير جازمين . وفي « الكشف » الذي يشهد له الذوق أنهم كانوا جازمين وقولهم : { إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ } [ يوسف : 77 ] تمهيد بين ، وادعاء العلم لا يلزم العلم فإن كان لبعد الاحتمالات المعارضة فلا يكون كذباً محرماً وإلا فغايته الكذب في دعوى العلم وليس بأول كذباتهم ، وكان قبل أن تنبؤا ولهذا خونهم الأب في هذه أيضاً ، على أن قولهم : { جَزاؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ } [ يوسف : 75 ] مؤكداً ذلك التأكيد يدل على أنهم جعلوا الوجدان في الرحل قاطعاً وإلا كان عليهم أن يقولوا : جزاؤه من وجد في رحله متعدياً أو سارقاً ونحوه ، فإن يحتمل عنهم الجزم هنالك فلم لا يحتمل هٰهنا اهـ وفيه مخالفة لبعض ما نحن عليه ، وكذا لما ذكرناه في تفسير { جَزَاؤُهُ } [ يوسف : 75 ] الخ ، ولعل الأمر في هذا هين . ومن غريب التفسير أن معنى قولهم : { لّلْغَيْبِ } لليل وهو بهذا المعنى في لغة حمير وكأنهم قالوا : وما شهدنا إلا بما علمنا من ظاهر حاله وما كنا لليل حافظين أي لا ندري ما يقع فيه فلعله سرق فيه أو دلس عليه ، وأنا لا أدري ما الداعي إلى هذا التفسير المظلم مع تبلج صبح المعنى المشهور ؛ وأياً ما كان / فلام { لّلْغَيْبِ } للتقوية والمراد حافظين الغيب .