Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 194-194)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } قاتلهم المشركون عام الحديبية في ذي القعدة قتالاً خفيفاً بالرمي بالسهام والحجارة ، فاتفق خروجهم لعمرة القضاء فيه فكرهوا أن يقاتلوهم لحرمته . فقيل : هذا الشهر الحرام بذلك ، وهتكه بهتكه فلا تبالوا به { وَٱلْحُرُمَـٰتُ قِصَاصٌ } أي الأمور التي يجب أن يحافظ عليها ذوات قصاص أو مقاصة ، وهو متضمن لإقامة الحجة على الحكم السابق ، كأنه قيل : لا تبالوا بدخولكم عليه عنوة ، وهتك حرمة هذا الشهر ابتداءاً بالغلبة ، فإن الحرمات يجري فيها القصاص فالصد قصاصه العنوة فإن قاتلوكم فاقتلوهم . { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } فذلكة لما تقدمه ، وهو أخص مفاداً منه لأن الأول : يشمل ما إذا هتك حرمة الإحرام والصيد والحشيش مثلاً بخلاف هذا ، وفيه تأكيد لقوله تعالى : { ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } ولا ينافي ذلك فذلكيته معطوفاً بالفاء والأمر للإباحة إذ العفو جائز ومَنْ تحتمل الشرطية والموصولية ، وعلى الثاني : تكون الفاء صلة في الخبر والباء تحتمل الزيادة وعدمها ، واستدل الشافعي بالآية على أن القاتل يقتل بمثل ما قتل به من محدد ، أو خنق ، أو حرق ، أو تجويع ، أو تغريق ، حتى لو ألقاه في ماء عذب لم يلق في ماء ملح ؛ واستدل بها أيضاً على أن من غصب شيئاً وأتلفه يلزمه رد مثله ، ثم إن المثل قد يكون من طريق الصورة كما في ذوات الأمثال وقد يكون من طريق المعنى كالقيم فيما لا مثل له { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في الانتصار لأنفسكم وترك الاعتداء بما لم يرخص لكم فيه { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } بالنصر والعون .