Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 64-64)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } تصريح بالمطلوب إثر تمهيد المقدمات . والفاء فصيحة أي إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما يريدان فأزمعوا كيدكم واجعلوه مجمعاً عليه بحيث لا يتخلف عنه منكم أحد وارموا عن قوس واحدة . وقرأ الزهري وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب في رواية وأبو حاتم { فَاجمعواْ } بوصل الهمزة وفتح الميم من الجمع ، ويعضده قوله تعالى : { فَجَمَعَ كَيْدَهُ } [ طه : 60 ] وفي الفرق بين جمع وأجمع كلام للعلماء . قال ابن هشام : إن أجمع يتعلق بالمعاني فقط وجمع مشترك بين المعاني والذوات . وفي « عمدة الحفاظ » حكاية القول بأن أجمع أكثر ما يقال في المعاني وجمع في الأعيان فيقال : أجمعت أمري وجمعت قومي وقد يقال بالعكس . وفي « المحكم » أنه يقال : جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعاً وأجمعه فلم يفرق بينهما ، وقال الفراء : إذا أردت جمع المتفرق قلت : جمعت القوم فهم مجموعون وإذا أردت جمع المال قلت جمعت بالتشديد ويجوز تخفيفه والإجماع الإحكام والعزيمة على الشيء ويتعدى بنفسه وبعلى تقول : أجمعت الخروج وأجمعت على الخروج ، وقال الأصمعي : يقال جمعت الشيء إذا جئت به من هنا ومن هنا وأجمعته إذا صيرته جميعاً ، وقال أبو الهيثم : أجمع أمره أي جعله جميعاً وعزم عليه بعد ما كان متفرقاً وتفرقته أن يقول مرة أفعل كذا ومرة أفعل كذا والجمع أن يجمع شيئاً إلى شيء ، وقال الفراء : في هذه الآية على القراءة الأولى أي لا تدعوا شيئاً من كيدكم إلا جئتم به . { ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } أي مصطفين أمروا بذلك لأنه أهيب في صدور الرائين وأدخل في استجلاب الرهبة من المشاهدين . قيل : كانوا سبعين ألفاً مع كل منهم حبل وعصا وأقبلوا عليه عليه السلام إقبالة واحدة ، وقيل : كانوا اثنين وسبعين ساحراً اثنان من القبط والباقي من بني إسرائيل ، وقيل : تسعمائة ثلاثمائة من الفرس وثلاثمائة من الروم وثلاثمائة من الإسكندرية ، وقيل : خمسة عشر ألفاً ، وقيل بضعة وثلاثين ألفاً ، ولا يخفى حال الإخبار في ذلك والقلب لا يميل إلى المبالغة والله تعالى أعلم ، ولعل الموعد كان مكاناً متسعاً خاطبهم موسى عليه السلام بما ذكر في قطر من أقطاره وتنازعوا أمرهم في قطر آخر منه ثم أمروا أن يأتوا وسطه على الحال المذكورة ، وقد فسر أبو عبيدة الصف بالمكان الذي يجتمعون فيه لعيدهم وصلواتهم وفيه بعد ، وكأنه علم لموضع معين من مكان يوم الزينة ، وعلى هذا التفسير يكون { صَفَّا } مفعولاً به . وقرأ شبل بن عباد وابن كثير في رواية شبل عنه { ثُمَّ ايتوا } بكسر الميم وإبدال الهمزة ياء . قال أبو علي : وهذا غلط ولا وجه لكسر الميم من ثم ، وقال صاحب « اللوامح » : إن ذلك لالتقاء الساكنين كما كانت الفتحة في / قراءة العامة كذلك . { وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } اعتراض تذييلي من قبلهم مؤكد لما قبله من الأمرين أي قد فاز بالمطلوب من غلب . فاستفعل بمعنى فعل كما في « الصحاح » أو من طلب العلو والغلب وسعى سعيه على ما في « البحر » فاستفعل على بابه ، ولعله أبلغ في التحريض حيث جعلوا الفوز لمن طلب الغلب فضلاً عمن غلب بالفعل وأرادوا بالمطلوب ما وعدهم فرعون من الأجر والتقريب حسبما نطق به قوله تعالى : { وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } [ الأعراف : 114 ] وبمن استعلى أنفسهم جميعاً على طريقة قولهم { بعزة فرعون إنا لَنَحْنُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } [ الشعراء : 44 ] أو من استعلى منهم حثاً على بذل المجهود في المغالبة . وقال الراغب : ( ( الاستعلاء قد يكون لطلب العلو المذموم وقد يكون لغيره وهو هٰهنا يحتملهما ) ) فلهذا جاز أن يكون هذا الكلام محكياً عن هؤلاء القائلين للتحريض على إجماعهم واهتمامهم وأن يكون من كلام الله عز وجل فالمستعلى موسى وهارون عليهما السلام ولا تحريض فيه . وأنت تعلم أن الظاهر هو الأول .