Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 95-95)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } أي على أهل قرية فالكلام على تقدير مضاف أو القرية مجاز عن أهلها . والحرام مستعار للممتنع وجوده بجامع أن كل واحد منهما غير مرجو الحصول ، وقال الراغب : الحرام الممنوع منه إما بتسخير إلٰهي وإما بمنع قهري وإما بمنع من جهة العقل أو من جهة الشرع أو من جهة من يرتسم أمره ، وذكر أنه قد حمل في هذه الآية على التحريم بالتسخير كما في قوله تعالى : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } [ القصص : 12 ] . وقرأ أبو حنيفة وحمزة والكسائي وأبو بكر وطلحة والأعمش وأبو عمرو في رواية { وَحَرَّمَ } بكسر الحاء وسكون الراء . / وقرأ قتادة ومطر الوراق ومحبوب عن أبـي عمرو بفتح الحاء وسكون الراء ، وقرأ عكرمة { وَحَرَّمَ } [ بفتح ] الحاء وكسر الراء والتنوين . وقرأ ابن عباس وعكرمة أيضاً وابن المسيب وقتادة أيضاً بكسر الراء وفتح الحاء والميم على المضي . وقرأ ابن عباس وعكرمة بخلاف عنهما ، وأبو العالية وزيد بن علي بضم الراء وفتح الحاء والميم على المضي أيضاً ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنه قرأ بفتح الحاء والراء والميم على المضي أيضاً . وقرأ اليماني { وَحَرَّمَ } بضم الحاء وكسر الراء مشددة وفتح الميم على أنه فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله . { أَهْلَكْنَـٰهَا } أي قدرنا هلاكها أو حكمنا به في الأزل لغاية طغيانهم وعتوهم فيما لا يزال . وقرأ السلمي وقتادة { أهلكتها } بتاء المتكلم ، وقوله تعالى : { أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } في تأويل اسم مرفوع على الابتداء خبره { حَرَامٌ } قال ابن الحاجب في « أماليه » : ويجب حينئذٍ تقديمه لما تقرر في النحو من أن الخبر عن أن يجب تقديمه ، وجوز أن يكون { حَرَامٌ } مبتدأ و { أَنَّهُمْ } فاعل له سد مسد خبره وإن لم يعتمد على نفي أو استفهام بناءً على مذهب الأخفش فإنه لا يشترط في ذلك الاعتماد خلافاً للجمهور كما هو المشهور . وذهب ابن مالك أن رفع الوصف الواقع مبتدأ لمكتفى به عن الخبر من غير اعتماد جائز بلا خلاف وإنما الخلاف في الاستحسان وعدمه فسيبويه يقول : هو ليس بحسن والأخفش يقول : هو حسن وكذا الكوفيون كما في « شرح التسهيل » . والجملة لتقرير ما قبلها من قوله تعالى : { كُلٌّ إِلَيْنَا رٰجِعُونَ } [ الأنبياء : 93 ] وما في ( أن ) من معنى التحقيق معتبر في النفي المستفاد في { حَرَامٌ } لا في المنفي أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا أن عدم رجوعهم المحقق ممتنع ، وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى : { كُلٌّ إِلَيْنَا رٰجِعُونَ } [ الأنبياء : 93 ] لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم ، وهذا المعنى محكي عن أبـي مسلم بن بحر ، ونقله أبو حيان عنه لكنه قال : إن الغرض من الجملة على ذلك إبطال قول من ينكر البعث ، وتحقيق ما تقدم من أنه لا كفران لسعي أحد وأنه يجزى على ذلك يوم القيامة ، ولا يخفى ما فيه . وقال أبو عتبة : المعنى وممتنع على قرية قدرنا هلاكها أو حكمنا به رجوعهم إلينا أي توبتهم على أن { لا } سيف خطيب مثلها في قوله تعالى : { مَا مَنَعَكَ أَن لاَ تَسْجُدُ } [ الأعراف : 12 ] في قول ، وقيل { حَرَامٌ } بمعنى واجب كما في قول الخنساء : @ وإن حراماً لا أرى الدهر باكياً على شجوه إلا بكيت على صخر @@ ومن ذلك قوله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَن لا تُشْرِكُواْ } [ الأنعام : 151 ] الخ فإن ترك الشرك واجب ، وعلى هذا قال مجاهد والحسن { لاَ يَرْجِعُونَ } لا يتوبون عن الشرك . وقال قتادة ومقاتل : لا يرجعون إلى الدنيا ، والظاهر على هذا أن المراد بأهلكناها أوجدنا إهلاكها بالفعل ، والمراد بالهلاك الهلاك الحسي ، ويجوز على القول بأن المراد بعدم الرجوع عدم التوبة أن يراد به الهلاك المعنوي بالكفر والمعاصي . وقرىء { إِنَّهُمْ } بكسر الهمزة على أن الجملة استئناف تعليلي لما قبلها ؛ فحرام خبر مبتدأ محذوف أي حرام عليها ذلك وهو ما ذكر في الآية السابقة من العمل الصالح المشفوع بالإيمان والسعي المشكور ثم علل بقوله تعالى : { أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } عما هم عليه من الكفر فكيف لا يمتنع ذلك ، ويجوز حمل الكلام على قراءة الجمهور بالفتح على هذا المعنى بحذف حرف التعليل أي لأنهم لا يرجعون . والزجاج قدر المبتدأ في ذلك أن يتقبل عملهم فقال : المعنى وحرام على قرية حكمنا بهلاكها أن يتقبل عملهم لأنهم لا يتوبون / ودل على ذلك قوله تعالى قبل : { فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ } [ الأنبياء : 94 ] حيث إن المراد منه يتقبل عمله .