Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 67-67)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } أي بالبيت الحرام . والباء للسببية . وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوامه وهذا ما عليه جمهور المفسرين ، وقريب منه كون الضمير للحرم ، وقال في « البحر » : الضمير عائد على المصدر الدال عليه { تَنكِصُونَ } [ المؤمنون : 66 ] وتعقب بأنه لا يفيد كثير معنى فإن ذلك مفهوم من جعل مستكبرين حالاً . واعترض عليه بما فيه بحث . وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويحسنه أن في قوله تعالى : { قَدْ كَانَتْ ءايَـتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } [ المؤمنون : 66 ] دلالة عليه عليه الصلاة والسلام . والباء إما للتعدية على تضمين الاستكبار معنى التكذيب أو جعله مجازاً عنه وإما للسببية لأن استكبارهم ظهر ببعثته صلى الله عليه وسلم . وجوز أن يعود على القرآن المفهوم من الآيات أو عليها باعتبار تأويلها به وأمر الباء كما سمعت آنفاً ، وجوز أن تكون متعلقة بقوله تعالى : { سَـٰمِراً } أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه ؛ وذلك أنهم كانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحراً وشعراً ، والمعنى على ذلك وإن لم يعلق به { بِهِ } ويجوز على تقدير تعلقه بسامراً عود الضمير على النبـي عليه الصلاة والسلام ، وكذا يجوز كون المعنى عليه وإن لم يعلق به ، وقيل : هي متعلقة بتهجرون وفيه من البعد ما فيه ، ونصب { سامراً } على الحال وهو اسم جمع كالحاج والحاضر والجامل والباقر ، وقيل : هو مصدر وقع حالاً على التأويل المشهور فهو / يشمل القليل والكثير باعتبار أصله ؛ ولا يخفى أن مجيء المصدر على وزن فاعل نادر ومنه العافية والعاقبة . والسمر في الأصل ظل القمر وسمي بذلك على ما في « المطلع » لسمرته ، وفي « البحر » هو ما يقع على الشجر من ضوء القمر ، وقال الراغب : هو سواد الليل ثم أطلق على الحديث بالليل . وفسر بعضهم السامر بالليل المظلم ، وكونه هنا بهذا المعنى وجعله منصوباً بما بعده على نزع الخافض ليس بشيء . وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو حيوة وابن محيصن وعكرمة والزعفراني ومحبوب عن أبـي عمرو « سمراً » بضم السين وشد الميم مفتوحة جمع سامر ، وابن عباس أيضاً وزيد بن علي وأبو رجاء وأبو نهيك « سماراً » بزيادة ألف بعد الميم وهو جمع سامر أيضاً وهما جمعان مقيسان في مثل ذلك . { تَهْجُرُونَ } من الهجر بفتح فسكون بمعنى القطع والترك ، والجملة في موضع الحال أي تاركين الحق أو القرآن أو النبـي صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن عباس تهجرون البيت ولا تعمرونه بما يليق به من العبادة . وجاء الهجر بمعنى الهذيان كما في « الصحاح » يقال : هجر المريض يهجر هجراً إذا هذى ، وجوز أن يكون المعنى عليه أي تهذون في شأن القرآن أو النبـي عليه الصلاة والسلام أو أصحابه رضي الله تعالى عنهم أو ما يعم جميع ذلك . وفي « الدر المصون » أن ما كان بمعنى الهذيان هو الهجر بفتحتين . وجوز أن يكون من الهجر بضم فسكون وهو الكلام القبيح ، قال الراغب : ( ( الهُجْر الكلام [ القبيح ] المهجور لقبحه وأهجر فلان إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد وهجر المريض إذا أتى بذلك من غير قصد ) ) . وفي « المصباح » هجر المريض في كلامه هذى والهجر بالضم اسم ومصدر بمعنى الفحش من هجر كقتل وفيه لغة أخرى أهجر بالألف وعلى هذه اللغة قراءة ابن عباس وابن محيصن ونافع وحميد { تهجرون } بضم التاء وكسر الجيم وهي تبعد كون { تَهْجُرُونَ } في قراءة الجمهور من الهجر بمعنى القطع . وقرأ ابن أبـي عاصم بالياء على سبيل الالتفات . وقرأ ابن مسعود وابن عباس أيضاً وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهم ، وعكرمة وأبو نهيك وابن محيصن أيضاً وأبو حيوة { تهجرون } بضم التاء وفتح الهاء وكسر الجيم وشدها على أنه من مضاعف هجر من الهجر بالفتح أو بالضم فالمعنى تقطعون أو تهذون أو تفحشون كثيراً .