Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 3-3)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } أي قاتل إياها من شدة الوجد كما قال الليث وأنشد قول الفرزدق : @ ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه لشيء نحته عن يديه المقادر @@ وقال الأخفش والفراء يقال بخع يبخع بخعاً وبخوعاً أي أهلك من شدة الوجد وأصله الجهد ، ومنه قول عائشة في عمر رضي الله تعالى عنهما بخع الأرض أي جهدها حتى أخذ ما فيها من أموال الملوك ، وقال الكسائي بخع الأرض بالزراعة جعلها ضعيفة بسبب متابعة الحراثة ؛ وقال الزمخشري وتبعه المطرزي : أصل البخع أن تبلغ بالذبح البخاع بكسر الباء وهو عرق مستبطن الفقار وذلك أقصى حد الذبح ، ولم يطلع على ذلك ابن الأثير مع مزيد بحثه ولا ضير في ذلك . وقرأ زيد بن علي وقتادة رحمهم الله تعالى { باخع نفسك } بالإضافة على خلاف الأصل فإن الأصل في اسم الفاعل إذا استوفى شروط العمل أن يعمل على ما أشار إليه سيبويه في « الكتاب » ، وقال الكسائي : العمل والإضافة سواء ، وذهب أبو حيان إلى أن الإضافة أحسن من العمل ، و ( لعل ) في مثل هذا الموضع لإشفاق المتكلم ، ولما استحال في حقه سبحانه جعلوه متوجهاً إلى المخاطب ، ولما كان غير واقع منه أيضاً قالوا : المراد الأمر به لدلالة الإنكار المستفاد من سوق الكلام عليه فكأنه قيل : أشفق على نفسك أن تقتلها وجداً وحسرة على ما فاتك من إسلام قومك ، وقال العسكري : هي في مثل هذا الموضع موضوعة موضع النهي ، والمعنى لا تبخع نفسك ، وقيل : وضعت موضع الاستفهام والتقدير هل أنت باخع ، وحكي مثله عن ابن عطية إلا أنه قال : المراد الإنكار أي لا تكن باخعاً نفسك . { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } تعليل للبخع ، ولما لم يصح كون عدم كونهم في المستقبل مؤمنين كما يفيده ظاهر الكلام علة لذلك لعدم المقارنة والعلة ينبغي أن تقارن المعلول قدروا خيفة فقالوا : خيفة أن لا يؤمنوا بذلك الكتاب المبين ، ومن الأجلة من لم يقدر ذلك بناء على أن المراد لاستمرارهم على عدم قبول الإيمان بذلك الكتاب لأن كلمة كان للاستمرار وصيغة الاستقبال لتأكيده وأريد استمرار النفي ؛ وجوز أن يكون الكون بمعنى الصحة والمعنى لامتناع إيمانهم والقول بأن فعل الكون أتى به لأجل الفاصلة ليس بشيء .