Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 15-15)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ أَؤُنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مّن ذٰلِكُمْ } تقرير وتثبيت لما فهم مما قبل من أن ثواب الله تعالى خير من مستلذات الدنيا ، والمراد من الإنباء الإخبار و { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى المذكور من النساء وما معه ، والقراء فيما إذا اجتمع همزتان أولاهما : مفتوحة والثانية : مضمومة كما هنا وكما في سورة ص [ 8 ] { أَءنزِلَ } وسورة القمر [ 25 ] { أَءُلْقىَ } على خمس مراتب : إحداها : مرتبة قالون وهي تسهيل الثانية بين بين وإدخال ألف بين الهمزتين . الثانية : مرتبة ورش وابن كثير وهي تسهيل الثانية أيضاً بين بين من غير إدخال ألف بينهما . الثالثة : مرتبة الكوفيين وابن ذكوان عن ابن عامر وهي تحقيق الثانية من غير إدخال ألف . الرابعة : مرتبة هشام وهي أنه روي عنه ثلاثة أوجه : الأول : التحقيق وعدم إدخال ألف بين الهمزتين . الوجه الثاني : التحقيق وإدخال ألف بينهما في السور الثلاث . الوجه الثالث : / التفرقة بين السور فيحقق ويقصر هنا ويمد في الأخيرتين . الخامسة : مرتبة أبـي عمرو وهي تسهيل الثانية مع إدخال الألف وعدمه ؛ والظرف الأول : متعلق بالفعل قبله . والثاني : متعلق بأفعل التفضيل ولا يجوز أن يكون صفة كما قال أبو البقاء لأنه يوجب أن تكون الجنة وما فيها مما رغبوا فيه بعضاً لما زهدوا عنه من الأموال ونحوها . وقوله تعالى : { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ عِندَ رَبّهِمْ جَنَّـٰتٌ } استئناف مبين لذلك الخير المبهم على أن { لِلَّذِينَ } خبر مقدم ، و { جَنَّـٰتُ } مبتدأ مؤخر ، و { عِندَ رَبّهِمْ } يحتمل وجهين كونه ظرفاً للاستقرار وكونه صفة للجنات في الأصل قدم فانتصب حالاً منها ، وفي ذكر ذلك إشارة إلى علو رتبة الجنات ورفعة شأنها ، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المتقين إيذان بمزيد اللطف بهم ، والمراد منهم المتبتلون إليه تعالى المعرضون عمن سواه كما ينبـىء عن ذلك الأوصاف الآتية وتعليق حصول الجنات وما يأتي بعد بهذا العنوان للترغيب في تحصيله والثبات عليه ، وجوز أن تكون اللام متعلقة بخير أيضاً أو بمحذوف صفة له ، و جنات حينئذٍ خبر لمحذوف أي هي جنات والجملة مبينة لخير و عند ربهم حينئذٍ إما أن يتعلق بالفعل على معنى ثبت تقواهم عنده شهادة لهم بالإخلاص ، وجاز أن يجعل خبراً مقدماً فلا يحتاج إلى حذف المبتدأ ، واعترض بأنه يقال : عند الله تعالى الثواب ولا يقال عند الله تعالى الجنة ، وبذلك يصرح كلام السعد وغيره وفي النفس منه شيء وقرىء جنات بكسر التاء وفيه وجهان : أحدهما : أنه مجرور على البدلية من لفظ خير وثانيهما : أنه منصوب على إضمار أعني مثلاً أو البدلية من محل بخير ـ . { تَجْرِى } في محل الرفع أو النصب أو الجر صفة لجنات على القراءتين { مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } تقدم ما فيه { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حال مقدرة من المستكن في للذين والعامل ما فيه من معنى الاستقرار ، وجوز أبو البقاء كونه حالاً من الهاء في تحتها أو من الضمير في اتقوا ولا يخفى ما فيه . { وَأَزْوٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ } أي منزهة مما يستقذر من النساء خَلْقاً وخُلُقاً ، والعطف على جنات على قراءة الرفع وأما على قراءة النصب فلا بدّ من تقدير لهم في الكلام { وَرِضْوٰنٌ } أي رضا عظيم على ما يشعر به التنوين ، وقرأه عاصم بضم الراء وهما لغتان وقراءتان سبعيتان في جميع القرآن إلا في قوله تعالى : { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } [ المائدة : 16 ] فإنه بالكسر بالاتفاق ، وقيل : المكسور اسم والمضموم مصدر وهو قول لا ثبت له { مِنَ ٱللَّهِ } صفة لرضوان مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } أي خبير بهم وبأحوالهم وأفعالهم فيثيب المحسن فضلاً ويعاقب المسىء عدلاً ، أو خبير بأحوال الذين اتقوا فلذلك أعدّ لهم ما أعدّ ، فالعباد على الأول : عام ؛ وعلى الثاني : خاص . وقد بدأ سبحانه في هذه الآية أولاً بذكر الْمَقَرّ وهو الجنات ، ثم ثَنى بذكر ما يحصل به الأنس التام وهو الأزواج المطهرة ، ثم ثلث بذكر ما هو الإكسير الأعظم والروح لفؤاد الواله المغرم وهو رضا الله عز وجل . وفي الحديث : أنه سبحانه " يسأل أهل الجنة هل رضيتم ؟ فيقولون ما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول جل شأنه ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك قال : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً " .