Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 20-20)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ } الباهرة الدالة على أنكم تبعثون دلالة أوضح من دلالة ما سبق ، فإن دلالة بدء خلقهم على إعادتهم أظهر من دلالة إخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي ومن دلالة إحياء الأرض بعد موتها عليها { أَنْ خَلَقَكُمْ } أي في ضمن خلق آدم عليه السلام لما مر مراراً من أن خلقه عليه السلام منطو على خلق ذرياته انطواء إجمالياً { مّن تُرَابٍ } لم يشم رائحة الحياة قط ولا مناسبة بينه وبين ما أنتم عليه في ذاتكم وصفاتكم ، وقيل : خلقهم من تراب لأنه تعالى خلق مادتهم منه فهو مجاز أو على تقدير مضاف { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } أي في الأرض تتصرفون في أغراضكم وأسفاركم ، { وَإِذَا } فجائية و { ثُمَّ } على ما ذهب إليه أبو حيان للتراخي الحقيقي لما بين الخلق والانتشار من المدة ، وقال العلامة الطيبـي : إنها للتراخي الرتبـي لأن المفاجأة تأبـى الحقيقي . ورد بأنه لا مانع من أن يفاجىء أحداً أمر بعد مضي مدة من أمر آخر أو أحدهما حقيقي والآخر عرفي . وتعقب بأنه على تسليم صحته يأباه الذوق فإنه كالجمع بين الضب والنون فما ذكره الطيبـي أنسب بالنظم القرآني ، والظاهر أن الجملة معطوفة على المبتدأ قبلها وهي بتأويل مفرد كأنه قيل : ومن آياته خلقكم من تراب ثم مفاجأتكم وقت كونكم بشراً منتشرين كذا قيل ، وفي وقوع الجملة مبتدأ بمثل هذا التأويل نظر إلا أن يقال : إنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ويتخيل من كلام بعضهم أن العطف على { خَلَقَكُمْ } بحسب المعنى حيث قال : أي ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً منتشرين ، ويفهم من كلام صاحب « الكشف » في نظر الآية أعني قوله تعالى الآتي : { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ ٱلأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } [ الروم : 25 ] أنه أقيمت الجملة مقام المفرد من حيث المعنى لأنها تفيد فائدته ، والكلام على أسلوب { مَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً } [ آل عمران : 97 ] لأنه في معنى وأمن داخله ، وأما من حيث الصورة فهي جملة معطوفة على قوله تعالى : { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ } وفائدة هذا الأسلوب الإشعار بأن ذلك آية خارجة من جنس الآيات مستقلة بشأنها مقصودة بذاتها فتأمل .