Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 29-29)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } أي يداومون على قراءته حتى صارت سمة لهم وعنواناً كما يشعر به صيغة المضارع ووقوعه صلة واختلاف الفعلين ، والمراد بكتاب الله القرآن فقد قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : هذه آية القراء . وأخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في « تفسيره » عن ابن عباس أنها نزلت في حصين بن الحرث بن عبد المطلب القرشي ، ثم إن العبرة بعموم اللفظ فلذا قال السدي في التالين : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عطاء : هم المؤمنون أي عامة وهو الأرجح ويدخل الأصحاب دخولاً أولياً ، وقيل معنى { يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } يتبعونه فيعملون بما فيه ، وكأنه جعل يتلو من تلاه إذا تبعه أو حمل التلاوة المعروفة على العمل لأنها ليس فيها كثير نفع دونه ، وقد ورد « رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه » ويشعر كلام بعضهم باختيار المعنى المتبادر حيث قال : إنه تعالى لما ذكر الخشية وهي عمل القلب ذكر بعدها عمل اللسان والجوارح والعبادة المالية ، وجوز أن يراد بكتاب الله تعالى جنس كتبه عز وجل الصادق على التوراة والإنجيل وغيرهما فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين بقوله تعالى : { وَإِن يُكَذّبُوكَ } [ فاطر : 25 ] الخ والمضارع لحكاية الحال الماضية ، والمقصود من الثناء عليهم وبيان ما لهم حث هذه الأمة على اتباعهم وأن يفعلوا نحو ما فعلوا ، والوجه الأول أوجه كما لا يخفى وعليه الجمهور . { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } أي مسرين ومعلنين وفي سر وعلانية ، والمراد ينفقون كيفما اتفق من غير قصد إليهما ، وقيل السر في الإنفاق المسنون والعلانية في الإنفاق المفروض ، وفي كون الإنفاق مما رزقوا إشارة إلى أنهم لم يسرفوا ولم يبسطوا أيديهم كل البسط ، ومقام التمدح مشعر بأنهم تحروا الحلال الطيب ؛ وقيل جىء بمن لذلك ، والمعتزلة يخصون الرزق بالحلال وهو أنسب بإسناد الفعل إلى ضمير العظمة ، ومن لا يخصه بالحلال يقول هو التعظيم والحث على الإنفاق { يَرْجُونَ } بما آتوا من الطاعات { تِجَـٰرَةً } أي معاملة مع الله تعالى لنيل ربح الثواب على أن التجارة مجاز عما ذكر والقرينة حالية كما قال بعض الأجلة . وقوله تعالى : { لَّن تَبُورَ } أي لن تكسد ، وقيل لن تهلك بالخسران صفة ( تجارة ) وترشيح للمجاز ، وجملة { يَرْجُونَ } الخ على ما قال الفراء وأبو البقاء خبر { إن } ، وفي إخباره تعالى عنهم بذلك إشارة إلى أنهم لا يقطعون بنفاق تجارتهم بل يأتون ما آتوا من الطاعات وقلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم ، وجعل بعضهم التجارة مجازاً عن تحصيل التواب بالطاعة وأمر الترشيح على حاله وإليه ذهب أبو السعود ثم قال : ( ( والإخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة / قطعية بحصول مرجوهم ) ) وظاهر ما روي عن قتادة من تفسيره التجارة بالجنة أنها مجاز عن الربح وفسر { لَّن تَبُورَ } بلن تبيد وهو كما ترى .