Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 43-43)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { ٱسْتِكْبَاراً فِى ٱلأَرْضِ } بدل من { نُفُورًا } [ فاطر : 42 ] وقال أبو حيان : الظاهر أنه مفعول من أجله ، ونَقَلَ الأول عن الأخفش ، وقيل : هو حال أي مستكبرين { وَمَكْرَ ٱلسَّيِّءِ } هو الخداع الذي يرومونه برسول الله صلى الله عليه وسلم والكيد له ، وقال قتادة هو الشرك وروي ذلك عن ابن جريج ، وهو عطف على { ٱسْتِكْبَاراً } وأصل التركيب وإن مكروا السيء على أن { السيء } صفة لموصوف مقدر أي المكر المسيء ثم أقيم المصدر مقام إن والفعل وأضيف إلى ما كان صفة ، وجوز أن يكون / عطفاً على { نُفُورًا } . وقرأ الأعمش وحمزة { السيء } بإسكان الهمزة في الوصل إجراء له مجرى الوقف أو لتوالى الحركات وإجراء المنفصل مجرى المتصل ، وزعم الزجاج أن هذه القراءة لحن لما فيها من حذف الإعراب كما قال أبو جعفر . وزعم محمد بن يزيد أن الحذف لا يجوز في نثر ولا شعر لأن حركات الإعراب دخلت للفرق بين المعاني ، وقد أعظم بعض النحويين أن يكون الأعمش قرأ بها ، وقال : إنما كان يقف على هذه الكلمة فغلط من أدى عنه ، والدليل على هذا أنها تمام الكلام ولذا لم يقرأ في نظيرها كذلك مع أن الحركة فيه أثقل لأنها ضمة بين كسرتين ، والحق أنها ليست بلحن ، وقد أكثر أبو علي في « الحجة » من الاستشهاد والاحتجاج للإسكان من أجل توالي الحركات والوصل بنية الوقف ، وقال ابن القشيري : ما ثبت بالاستفاضة أو التواتر أنه قرىء به فلا بد من جوازه ولا يجوز أن يقال لحن ، ولعمري أن الإسكان هٰهنا أحسن من الإسكان في { بَارِئِكُمْ } [ البقرة : 54 ] كما في قراءة أبـي عمرو ، وروي عن ابن كثير { وَمَكْرَ السأي } بهمزة ساكنة بعد السين وياء بعدها مكسورة وهو مقلوب السيء المخفف من السيء كما قال الشاعر : @ ولا يجزون مِن حَسَن بسيْء ولا يجزون مِن غِلظ بلين @@ وقرأ ابن مسعود { مكرًا سيئاً } عطف نكرة على نكرة . { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىء } أي لا يحيط { إِلاَّ بِأَهْلِهِ } . وقال الراغب : أي لا يصيب ولا ينزل ، وأياً ما كان فهو إنما ورد فيما يكره ، وزعم بعضهم أن أصل حاق حق فجيء بدل أحد المثلين بالألف نحو ذم وذام وزل وزال ، وهذا من ارسال المثل ومن أمثال العرب من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً ، وعن كعب أنه قال لابن عباس : قرأت في التوراة من حفر مغواة وقع فيها قال : أنا وجدت ذلك في كتاب الله تعالى فقرأ الآية ، وفي الخبر " لا تمكروا ولا تعينوا ماكراً فإن الله تعالى يقول { ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله } ولا تبغوا ولا تعينوا باغياً فإن الله سبحانه يقول { إنما بغيكم على أنفسكم } [ يونس : 23 ] " وقد حاق مكر هؤلاء بهم يوم بدر . والآية عامة على الصحيح والأمور بعواقبها والله تعالى يمهل ولا يهمل ووراء الدنيا الآخرة وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، وبالجملة من مكر به غيره ونفذ فيه المكر عاجلاً في الظاهر ففي الحقيقة هو الفائز والماكر هو الهالك ، أسأل الله تعالى بحرمة حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم أن يدفع ويرفع عنا مكر الماكرين وأن يعاملهم في الدارين بعدله إنه سبحانه القوي المتين . وقرىء { وَلاَ يَحِيقُ } بضم الياء { ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىء } بالنصب على أن يحيق من أحاق المتعدى وفاعله ضمير راجع إليه تعالى و { ٱلْمَكْرُ } مفعوله . { فَهَلْ يَنظُرُونَ } أي ما ينتظرون ، وهو مجاز بجعل ما يستقبل بمنزلة ما ينتظر ويتوقع { إِلا سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } أي إلا سنة الله تعالى فيهم بتعذيب مكذبيهم . { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } بأن يضع سبحانه موضع العذاب { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } بأن ينقل عذابه من المكذبين إلى غيرهم ، والفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه ، ونفي وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفي وجودهما بالطريق البرهاني ، وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما ، والخطاب عام أو خاص به عليه الصلاة والسلام .