Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 11-11)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما بين كون الإنذار عندهم كعدمه عقب ببيان من يتأثر منه فقال سبحانه : { إِنَّمَا تُنذِرُ } أي إنذاراً مستتبعاً للأثر { مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِكْرَ } أي القرآن - كما روي عن قتادة - بالتأمل فيه والعمل به ، وقيل : الوعظَ ، واتبع بمعنى يتبع ، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع أو المعنى إنما ينفع إنذارك المؤمنين الذين اتبعوا ، ويكون المراد بمن اتبع المؤمنين وبالإنذار الإنذار عما يفرط منهم بعد الاتباع فلا يلزم تحصيل الحاصل ، وقيل : المراد من اتبع في علم الله تعالى وهم الأقلون الذين لم يحق القول عليهم . { وَخشِىَ ٱلرَّحْمـٰنَ } أي عقابه ولم يغتر برحمته عز وجل فإنه سبحانه مع عظم رحمته أليم العذاب كما نطق به قوله تعالى : { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } [ الحجر : 49 - 50 ] . ومما قرر يعلم سر ذكر الرحمن مع الخشية دون القهار ونحوه { بِٱلْغَيْبِ } حال من المضاف المقدر في نظم الكلام كما أشرنا إليه أي خشي عقاب الرحمن حال كون العقاب ملتبساً بالغيب أي غائباً عنه ، وحاصله خشي العقاب قبل حلوله ومعاينة أهواله ، ويجوز أن يكون حالاً من فاعل { خَشِىَ } أي خشي عقاب الرحمن غائباً عن / العقاب غير مشاهد له أو خشي غائباً عن أعين الناس غير مظهر الخشية لهم لأنها علانية قلما تسلم عن الرياء ، وبعضهم فسر الغيب بالقلب وجعل الجار متعلقاً بخشي أي خشي في قلبه ولم يكن مظهراً للخشية وليس بخاش ، قيل : ويجوز جعله حالاً من { ٱلرَّحْمَـٰنُ } ولا يخفى حاله ، والكلام في خشي على طرز الكلام في { اتبِع } . { فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } عظيمة لما سلف ، وقيل : لما يفرط منه { وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } حسن لا يقادر قدره لما أسلف ، والفاء لترتيب البشارة أو الأمر بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية . وفي « البحر » لما أجدت فيه النذارة فبشره الخ فلا تغفل ، وعن قتادة تفسير الأجر الكريم بالجنة والمراد نعيمها الشامل لما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وأجل جميع ذلك رؤية الله عز وجل .