Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-1)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ صۤ } بالسكون على الوقف عند الجمهور ، وقرأ أبـي والحسن وابن أبـي إسحق وأبو السمال وابن أبـي عبلة ونصر بن عاصم { صاد } بكسر الدال ؛ والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين وهو حرف من حروف المعجم نحو { ق } و { ن } . وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه أمر من صادي أي عارض ، ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت الأول ويقابله بمثله في الأماكن الخالية والأجسام الصلبة العالية ، والمعنى عارض القرآن بعملك أي إعمل بأوامره ونواهيه ، وقال عبد الوهاب : أي أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن ، وقيل هو أمر من صادى أي حادث ، والمعنى حادث القرآن ، وهو رواية عن الحسن أيضاً وله قرب من الأول . وقرأ عيسى ومحبوب عن أبـي عمرو وفرقة { صاد } بفتح الدال ، وكذا قرؤا قاف ونون بالفتح فيهما فقيل هو لالتقاء الساكنين أيضاً طلباً للخفة ، وقيل هو حركة إعراب على أن { صاد } منصوب بفعل مضمر أي اذكر أو اقرأ صاد أو بفعل القسم بعد نزع الخافض لما فيه من معنى التعظيم المتعدي بنفسه نحو الله لأفعلن أو مجرور بإضمار حرف القسم ، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بناء على أنه علم للسورة ، وقد ذكر الشريف أنه إذا اشتهر مسمى بإطلاق لفظ عليه يلاحظ المسمى في ضمن ذلك اللفظ وأنه بهذا الاعتبار يصح اعتبار التأنيث في الاسم . وقرأ ابن أبـي إسحق في رواية { صاد } بالجر والتنوين ، وذلك إما لأن الثلاثي الساكن الوسط يجوز صرفه بل قيل إنه الأرجح ، وإما لاعتبار ذلك اسماً للقرآن كما هو أحد الاحتمالات فيه فلم يتحقق فيه العلتان فوجب صرفه ، والقول بأن ذاك لكونه علماً لمعنى السورة لا للفظها فلا تأنيث فيه مع العلمية ليكون هناك علتان لا يخلو عن دغدغة . وقرأ ابن السميفع وهٱرون الأعور والحسن في رواية { صاد } بضم الدال ، وكأنه اعتبر اسماً للسورة وجعل خبر مبتدأ محذوف أي هذه صاد . ولهم في معناه غير متقيدين بقراءة الجمهور اختلاف كأضرابه من أوائل السور ، فأخرج عبد بن حميد عن أبـي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن { ص } فقالا : ما ندري ما هو ، وهو مذهب كثير في نظائره ، وقال عكرمة : سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن { صۤ } فقال : ص كان بحراً بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار . وقال ابن جبير : هو بحر يحيـي الله تعالى به الموتى بين النفختين ، والله تعالى أعلم بصحة هذين الخبرين . وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال { صۤ } صدق الله ، وأخرج ابن مردويه عنه أنه قال : { صۤ } يقول إني أنا الله الصادق ، وقال محمد ابن كعب القرظي : هو مفتاح أسماء الله تعالى ( صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد ) . وقيل هو إشارة إلى صدود الكفار عن القرآن ، وقيل حرف مسرود على منهاج التحدي ، وجنح إليه غير واحد من أرباب التحقيق ، وقيل اسم للسورة وإليه ذهب الخليل وسيبويه والأكثرون ، وقيل اسم للقرآن وقيل غير ذلك باعتبار بعض القراآت كما سمعت عن قريب . ومن الغرييب أن المعنى صاد محمد صلى الله عليه وسلم قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به ، ولعل القائل به اعتبره فعلاً ماضياً مفتوح الآخر أو ساكنه للوقف ، وأنا لا أقول به ولا أرتضيه وجهاً ، وهو على بعض هذه الأوجه لا حظ له من الإعراب ، وعلى بعضها يجوز أن يكون مقسماً به ومفعولاً لمضمر وخبر مبتدأ محذوف ، وعلى بعضها يتعين كونه مقسماً به ، وعلى بعض ما تقدم في القراءات يتأتى ما يتأتى مما لا يخفى عليك ، وبالجملة إن لم يعتبر مقسماً به فالواو في قوله سبحانه : { وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } للقسم وإن اعتبر / مقسماً به فهي للعطف عليه لكن إذا كان قسماً منصوباً على الحذف والإيصال يكون العطف عليه باعتبار المعنى والأصل ، ثم المغايرة بينهما قد تكون حقيقية كما إذا أريد بالقرآن كله و بص السورة أو بالعكس أو أريد بص البحر الذي قيل به فيما مر وبالقرآن كله أو السورة ، وقد تكون اعتبارية كما إذا أريد بكل السورة أو القرآن على ما قيل ، ولا يخفى ما تقتضيه الجزالة الخالية عن التكلف . وضعف جعل الواو للقسم أيضاً بناء على قول جمع أن توارد قسمين على مقسم عليه واحد ضعيف . والذكر كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس الشرف ومنه قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] أو الذكرى والموعظة للناس على ما روي عن قتادة والضحاك ، أو ذكر ما يحتاج إليه في أمر الدين من الشرائع والأحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبار الأمم الدارجة والوعد والوعيد على ما قيل . وجواب القسم قيل مذكور فقال الكوفيون والزجاج : هو قوله تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } [ ص : 64 ] وتعقبه الفراء بقوله : لا نجده مستقيماً لتأخر ذلك جداً عن القسم ، وقال الأخفش هو { إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرٌّسُلَ } [ ص : 14 ] وقال قوم : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ } [ ص : 6 ] وحذفت اللام أي لكم لما طال الكلام كما حذفت من { قَدْ أَفْلَحَ } [ الشمسِ : 9 ] بعد قوله تعالى : { وَٱلشَّمْسُ } [ الشمس : 1 ] حكاه الفراء وثعلب ، وتعقبه الطبرسي بأنه غلط لأن اللام لا تدخل على المفعول و { كَمْ } مفعول . وقال أبو حيان : إن هذه الأقوال يجب إطراحها . ونقل السمرقندي عن بعضهم أنه { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ ص : 2 ] الخ فإن { بَلِ } لنفي ما قبله وإثبات ما بعده فمعناه ليس الذين كفروا إلا في عزة وشقاق . وجوز أن يريد هذا القائل أن { بَلِ } زائدة في الجواب أو ربط بها الجواب لتجريدها لمعنى الإثبات . وقيل هو صاد إذ معناه صدق الله تعالى أو صدق محمد صلى الله عليه وسلم ونسب ذلك إلى الفراء وثعلب ، وهو مبني على جواز تقدم جواب القسم واعتقاد أن { صۤ } تدل على ما ذكر ، ومع هذا في كون ص نفسه هو الجواب خفاء ، وقيل هو جملة هذه صاد على معنى السورة التي أعجزت العرب فكأنه قيل : هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر وهذا كما تقول : هذا حاتم والله تريد هذا هو المشهور بالسخاء والله ، وهو مبني على جواز التقدم أيضاً ، وقيل هو محذوف فقدره الحوفي لقد جاءكم الحق ونحوه ، وابن عطية ما الأمر كما تزعمون ونحوه ، وقدره بعض المحققين ما كفر من كفر لخلل وجده ودل عليه بقوله تعالى : { بَلِ ٱلَّذِينَ } الخ ، وآخر إنه لمعجز ودل عليه ما في { صۤ } من الدلالة على التحدي بناء على أنه اسم حرف من حروف المعجم ذكر على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز أو ما في أقسم بص أو هذه ص من الدلالة على ذلك بناء على أنه اسم للسورة أو أنه لواجب العمل به دل عليه { صۤ } بناء على كونه أمراً من المصاداة ، وقدره بعضهم غير ذلك ، وفي « البحر » ينبغي أن يقدر هنا ما أثبت جواباً للقسم بالقرآن في قوله تعالى : { يسۤ * وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ يس : 1 - 3 ] . ويقوي هذا التقدير ذكر النذارة هنا في قوله تعالى : { وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ } [ ص : 4 ] وهناك في قوله سبحانه : { لِتُنذِرَ قَوْماً } [ يس : 6 ] فالرسالة تتضمن النذارة والبشارة . وجعل بل في قوله تعالى : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } .