Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 23-23)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ هَذَا أَخِى } الخ استئناف لبيان ما فيه الخصومة . والمراد / بالأخوة أخوة الدين أو اخوة الصداقة والألفة أو أخوة الشركة والخلطة لقوله تعالى : { وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ ٱلْخُلَطَاء } [ ص : 24 ] وكل واحد من هذه الأخوات يدلي بحق مانع من الاعتداء والظلم ، وقيل : هي أخوة في النسب وكان المتحاكمان أخوين من بني إسرائيل لأب وأم ، ولا يخفى أن المشهور أنهما كانا من الملائكة بل قيل لا خلاف في ذلك . و { أَخِى } بيان عند ابن عطية وبدل أو خبر لأن عند الزمخشري ، ولعل المقصود بالإفادة على الثاني قوله تعالى : { لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ وٰحِدَةٌ } وهي الأنثى من بقر الوحش ومن الضأن والشاء الجبلي وتستعار للمرأة كالشاة كثيراً نحو قول ابن عون : @ أنا أبوهن ثلاث هنه رابعة في البيت صغراً هنه ونعجتي خمساً توفيهنه ألا فتى سحج يغذيهنه @@ وقول عنترة : @ يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت عليَّ وليتها لم تحرم @@ وقول الأعشى : @ فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها @@ والظاهر إبقاؤها على حقيقتها هنا ويراد بها أنثى الضأن ، وجوز إرادة الامرأة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بذلك . وقرأ الحسن وزيد بن علي { تسع وتسعون } بفتح التاء فيهما ، وكثر مجيء الفعل والفعل بمعنى واحد نحو السكر والسكر ولا يبعد ذلك في التسع لا سيما وقد جاور العشر ، والحسن وابن هرمز { نعجة } بكسر النون وهي لغة لبعض بني تميم . وقرأ ابن مسعود { ولى نعجه أنثى } ووجه ذلك الزمخشري بأنه يقال امرأة أنثى للحسناء الجميلة والمعنى وصفها بالعراقة في لين الأنوثة وفتورها وذلك أملح لها وأزيد في تكسرها وتثنيها ألا ترى إلى وصفهم لها بالكسول والمكسال ، وقوله : @ فتور القيام قطيع الكلام لعوب العشاء إذا لم تنم @@ وقول قيس بن الخطيم : @ تنام عن كبر شأنها فإذا قامت رويداً تكاد تنغرف @@ وفي الكلام عليه توفية حق القسمين أعني ما يرجع إلى الظالم وما يرجع إلى المظلوم كأنه قيل : إنه مع وفور استغنائه وشدة حاجتي ظلمني حقي ، وهذا ظاهر إذا كانت النعجة مستعارة وإلا فالمناسب تأكيد الأنوثة بأنها كاملة فيها فيكون أدر وأحلب لما يطلب منها على أن فيه رمزاً إلى ما وري عنه . { فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } ملكنيها ، وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ، وقال ابن كيسان : اجعلها كفلي أي نصيبـي ، وعن ابن عباس وابن مسعود تحول لي عنها وهو بيان للمراد وألصق بوجه الاستعارة { وَعَزَّني } أي غلبني ، وفي المثل من عَزَّ بَزَّ أي من غلب سلب وقال الشاعر : @ قطاة عزها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح @@ { فِى ٱلْخِطَابِ } أي مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أطق رده ، وقال الضحاك : أي إن تكلم / كان أفصح مني وإن حارب كان أبطش مني ، وقال ابن عطية : كان أوجه مني وأقوى فإذا خاطبته كان كلامه أقوى من كلامي وقوته أعظم من قوتي . وقيل : أي غلبني في مغالبته إياي في الخطبة على أن الخطاب من خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطاباً أي غالبني في الخطبة فغلبني حيث زوجها دوني ، وهو قول من يجعل النعجة مستعارة ، وتعقبه صاحب " الكشف " فقال : حمل الخطاب على المغالبة في خطبة النساء لا يلائم فصاحة التنزيل لأن التمثيل قاصر عنه لنبو قوله : { وَلِى نَعْجَةٌ } عن ذلك أشد النبوة وكذا قوله : { أَكْفِلْنِيهَا } إذ ينبغي على ذلك أن يخاطب به ولي المخطوبة إلا أن يجعل الأول مجازاً عما يؤول إليه الحال ظناً والشرط في حسنه تحقق الانتهاء كما في { أَعْصِرُ خَمْرًا } [ يوسف : 36 ] والثاني مجاز عن تركه الخطبة ، ولا يخفى ما فيهما من التعقيد ، ثم إنه لتصريحه ينافي الغرض من التمثيل وهو التنبيه على عظم ما كان منه عليه السلام وأنه أمر يستحي من كشفه مع الستر عليه والاحتفاظ بحرمته انتهى فتأمل . وقرأ أبو حيوة وطلحة { وعزني } بتخفيف الزاي ، قال أبو الفتح : حذفت إحدى الزائين تخفيفاً كما حذفت إحدى السينين في قول أبـي زيد : @ أحسن به فهن إليه شوس @@ وروي كذلك عن عاصم . وقرأ عبد الله وأبو وائل ومسروق والضحاك والحسن وعبيد بن عمير { وعازني } بألف بعد العين وتشديد الزاي أي وغالبني .