Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 60-60)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } بما ينالهم من الشدة التي تغير ألوانهم حقيقة ، ولا مانع من أن يجعل سواد الوجوه حقيقة علامة لهم غير مترتب على ما ينالهم ، وجوز أن يكون ذلك من باب المجاز لا أنها تكون مسودة حقيقة بأن يقال : إنهم لما يلحقهم من الكآبة ويظهر عليهم من آثار الجهل بالله عز وجل يتوهم فيهم ذلك . والظاهر أن الرؤية بصرية . والخطاب إما لسيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام ، وإما لكل من تتأتى منه الرؤية ، وجملة { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } في موضع الحال على ما استظهره أبو حيان ، وكون المقصود رؤية سواد وجوههم لا ينافي الحالية كما توهم لأن القيد مصب الفائدة ، ولا بأس بترك الواو والاكتفاء بالضمير فيها لا سيما وفي ذكرها هٰهنا اجتماع واوين وهو مستثقل . وزعم الفراء شذوذ ذلك ، ومن سلمه جعل الجملة هنا بدلاً من { ٱلَّذِينَ } كما ذهب إليه الزجاج ، وهم جوزوا إبدال الجملة من المفرد ، أو مستأنفة كالبيان لما أشعرت به الجملة قبلها وأدركه الذوق السليم منها من سوء حالهم ، أو جعل الرؤية علمية والجملة في موضع الثاني ، وأيد بأنه قرىء { وجوههم مسودة } بنصبهما على أن { وجوههم } مفعول ثان و { مسودة } حال منه . وأنت تعلم أن اعتبار الرؤية بصرية أبلغ في تفضيحهم وتشهير فظاعة حالهم لا سيما مع عموم الخطاب ، والنصب في القراءة الشاذة يجوز أن يكون على الإبدال . والمراد بالذين ظلموا أولئك القائلون المتحسرون فهو من باب إقامة الظاهر مقام المضمر ، وينطبق على ذلك أشد الانطباق قوله تعالى : { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى } أي مقام { لّلْمُتَكَبّرِينَ } الذين جاءتهم آيات الله فكذبوا بها واستكبروا عن قبولها والانقياد لها ، وهو تقرير لرؤيتهم كذلك ، وينطبق عليه أيضاً قوله الآتي : { وَيُنَجّي } [ الزمر : 61 ] الخ . وكذبهم على الله تعالى لوصفهم له سبحانه بأن له شريكاً ونحو ذلك تعالى عما يصفون علواً كبيراً ، وقيل : لوصفهم له تعالى بما لا يليق في الدنيا وقولهم في الأخرى : { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } [ الزمر : 57 ] المتضمن دعوى أن الله سبحانه لم يهدهم ولم يرشدهم ، وقيل : هم أهل الكتابين ، وعن الحسن أنهم القدرية القائلون إن شئنا فعلنا وإن لم يشأ الله تعالى وإن شئنا لم نفعل وإن شاء الله سبحانه ؛ وقيل : المراد كل من كذب على الله تعالى ووصفه بما لا يليق به سبحانه نفياً وإثباتاً فأضاف إليه ما يجب تنزيهه تعالى عنه أو نزهه سبحانه عما يجب أن يضاف إليه ، وحكي ذلك عن القاضي وظاهره يتقضي تكفير كثير من أهل القبلة ، وفيه ما فيه ، والأوفق لنظم الآية / الكرمية ما قدمنا ، ولا يبعد أن يكون حكم كل من كذب على الله تعالى عالماً بأنه كذب عليه سبحانه أو غير عالم لكنه مستند إلى شبهة واهية كذلك ؛ وكلام الحسن إن صح لا أظنه إلا من باب التمثيل ، وتعريض الزمخشري بأهل الحق بما عرض خارج عن دائرة العدل فما ذهبوا إليه ليس من الكذب على الله تعالى في شيء ، والكذب فيه وفي أصحابه ظاهر جداً . وقرأ أبـي { أجوههم } بإبدال الواو همزة .