Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 136-136)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَٰـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } خطاب للمسلمين كافة فمعنى قوله تعالى : { ءامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِى نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِى أَنَزلَ مِن قَبْلُ } أثبتوا على الإيمان بذلك وداوموا عليه ، وروي هذا عن الحسن واختاره الجبائي ، وقيل : الخطاب لهم ، والمراد ازدادوا في الإيمان طمأنينة ويقيناً ، أو : آمنوا بما ذكر مفصلاً بناءاً على أن إيمان بعضهم إجمالي ، وأياً مّا كان فلا يلزم تحصيل الحاصل ، وقيل : الخطاب للمنافقين المؤمنين ظاهراً فمعنى { ءامَنُواْ } أخلصوا الإيمان ، واختاره الزجاج وغيره . وقيل : لمؤمني اليهود خاصة ، ويؤيده ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما " أن عبد الله بن سلام وأسد / وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وابن أخت عبد الله بن سلام ويامين بن يامين أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : نؤمن بك وبكتابك وبموسى وبالتوراة وعزير ، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل آمنوا بالله تعالى ومحمد صلى الله عليه وسلم وبكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل " فنزلت فآمنوا كلهم ، وقيل : لمؤمني أهل الكتابين ، وروي ذلك عن الضحاك ، وقيل : للمشركين المؤمنين باللات والعزى ، وقيل : لجميع الخلق لإيمانهم يوم أخذ الميثاق حين قال لهم سبحانه : { أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] والكتاب الأول القرآن ، والمراد من الكتاب الثاني الجنس المنتظم لجميع الكتب السماوية ، ويدل عليه قوله تعالى فيما بعد : { وَكُتُبِهِ } والمراد بالإيمان بها الإيمان بها في ضمن الإيمان بالكتاب المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم على معنى أن الإيمان بكل واحد منها مندرج تحت الإيمان بذلك الكتاب ، وأن أحكام كل منها كانت حقة ثابتة يجب الأخذ بها إلى ورود ما نسخها ، وأن ما لم ينسخ منها إلى الآن من الشرائع والأحكام ثابتة من حيث إنها من أحكام ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه ولا تغيير يعتريه . ومن هنا يعلم أن أمر مؤمني أهل الكتاب بالإيمان بكتابهم بناءاً على أن الخطاب لهم ليس على معنى الثبات لأن هذا النحو من الإيمان غير حاصل لهم وهو المقصود ، ولا حاجة إلى القول بأن متعلق الأمر حقيقة هو الإيمان بما عداه كأنه قيل : آمنوا بالكل ولا تخصوه بالبعض ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو نزل وأنزل على البناء للمفعول ، واستعمال نزل أولاً وأنزل ثانياً لأن القرآن نزل مفرقاً بالإجماع ، وكان تمامه في ثلاث وعشرين سنة على الصحيح ولا كذلك غيره من الكتب فتذكر . { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلَٰـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي بشيء من ذلك فإن الحكم المتعلق بالأمور المتعاطفة بالواو كما قال العلامة الثاني قد يرجع إلى كل واحد ، وقد يرجع إلى المجموع ، والتعويل على القرائن ، وهٰهنا قد دلت القرينة على الأول لأن الإيمان بالكل واجب والكل ينتفي بانتفاء البعض ومثل هذا ليس من جعل الواو بمعنى أو في شيء ، وجوز بعضهم رجوعه إلى المجموع لوصف الضلال بغاية البعد في قوله تعالى : { فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً } ويستفاد منه أن الكفر بأي بعض كان ضلال متصف ببعد والمشهور أن المراد بالضلال البعيد الضلال البعيد عن المقصد بحيث لا يكاد يعود المتصف به إلى طريقه ، ويجوز أن يراد ضلالاً بعيداً عن الوقوع ، والجملة الشرطية تذييل للكلام السابق وتأكيد له ، وزيادة الملائكة واليوم الآخر في جانب الكفر على ما ذكره شيخ الإسلام لما أن بالكفر بأحدهما لا يتحقق الإيمان أصلاً ، وجمع الكتب والرسل لما أن الكفر بكتاب أو رسول كفر بالكل ، وتقديم الرسول فيما سبق لذكر الكتاب بعنوان كونه منزلاً عليه ، وتقديم الملائكة والكتب على الرسل لأنهم وسائط بين الله عز وجل وبين الرسل في إنزال الكتب ، وقيل : اختلاف الترتيب في الموضعين من باب التفنن في الأساليب والزيادة في الثاني لمجرد المبالغة ، وقرىء بكتابه على إرادة الجنس .