Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 142-142)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ } أي يفعلون ما يفعل المخادع فيظهرون الإيمان ويضمرون نقيضه ، وعن الحسن واختاره الزجاج أن المراد يخادعون النبـي صلى الله عليه وسلم على حد { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفتح : 10 ] { وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ } أي فاعل بهم ما يفعل الغالب في الخداع حيث تركهم في الدنيا معصومي الدماء والأموال وأعد لهم في الآخرة الدرك الأسفل من النار ، وقيل : خداعه تعالى لهم أن يعطيهم سبحانه نوراً يوم القيامة يمشون به مع المسلمين ثم يسلبهم ذلك النور ويضرب بينهم بسور ، وروي ذلك عن الحسن ، أيضاً والسدي واختاره جماعة من المفسرين وقد مر تحقيق ذلك ولله تعالى الحمد . والجملة في محل نصب على الحال أو معطوفة على خبر { إِنَّ } أو مستأنفة كالأولى . { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ } أي متثاقلين متباطئين لا نشاط لهم ولا رغبة كالمكره على الفعل لأنهم لا يعتقدون ثواباً في فعلها ولا عقاباً على تركها ، وقرىء بفتح الكاف وهما جمعا كسلان . { يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ } ليحسبوهم مؤمنين ، والمراآة مفاعلة من الرؤية إما بمعنى التفعيل لأن فاعل بمعنى فعل / وارد في كلامهم كنعم وناعم وقراءة عبد الله وإسحق يروون تدل على ذلك ، أو للمقابلة لأنهم لفعلهم في مشاهد الناس يرون الناس والناس يرونهم وهم يقصدون أن ترى أعمالهم والناس يستحسنونها ، فالمفاعلة في الرؤية متحدة وإنما الاختلاف في متعلق الإراءة ، فلا يرد على هذا الشق أن المفاعلة لا بد في حقيقتها من اتحاد الفعل ومتعلقه ، والجملة إما استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل : فماذا يريدون بقيامهم هذا ؟ فقيل : يراءون الخ ، أو حال من ضمير { قَامُواْ } أو من الضمير في { كُسَالَىٰ } . { وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } عطف على { يُرَاءونَ } ، وقيل : حال من فاعله أي ولا يذكرونه سبحانه مطلقاً إلا زماناً قليلاً ، أو إلا ذكراً قليلاً إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه وهو أقل أحواله ، أو لأن ذكرهم باللسان قليل بالنسبة إلى الذكر بالقلب ، وقيل : إنما وصف بالقلة لأنه لم يقبل وكل ما لم يقبله الله تعالى قليل وإن كان كثيراً ، وروي ذلك عن قتادة ، وأخرج البيهقي وغيره عن الحسن ما بمعناه . وأخرج ابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل وقيل : المراد بالذكر الذكر الواقع في الصلاة نحو التكبير والتسبيح ، وإليه ذهب الجبائي ، وأيد بما أخرجه مسلم وأبو داود عن أنس قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله تعالى فيها إلا قليلاً " ، وقيل : الذكر بمعنى الصلاة لأن الكلام فيها لا بمعناه المتبادر منه ، وجوز أن يراد بالقلة العدم ، واستشكل توجيه الاستثناء حينئذٍ . وأجيب بأن المعنى : لا يذكرون الله تعالى إلا ذكراً ملحقاً بالعدم لأنه لا ينفعهم فلا إشكال ، ولا يخفى ما فيه فإن القلة بمعنى العدم مجاز ، وجعل العدم بمعنى ما لا نفع فيه مجاز آخر ، ومع ذلك ليس في الكلام ما يدل عليه ، وقال بعض المحققين : في توجيه الكلام على ذلك التقدير أن المعنى حينئذٍ لو صح أن يعد عدم الذكر ذكراً فذلك ذكرهم على طريقة قوله : @ ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب @@ وفيه وإن كان أهون من الأول ما فيه ، واستدل بالآية على استحباب دخول الصلاة بنشاط ، وعلى كراهة قول الإنسان كسلت ، أخرج ابن أبـي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه يكره أن يقول الرجل إني كسلان ويتأول هذه الآية .